الخميس، يونيو 14، 2012

ما لم ينشر عن كمال جنبلاط - 6

الحديث الخامس للمعلم  كريشنامينيون
التاريخ 26 تشرين الثاني 1951

يصف  كمال جنبلاط المعلم  بأنه كان متألقا ، مشرقا ، يشع نورا وبهجة ..
لجأ إلى الأ سلوب العلمي  في  التحدث عن العالم الظاهر ، وعن علاقة الأنا الجوهرية بهذا العالم .
وهنا يرد مثال النقش على الصخر وكيف أننا في البداية نرى
 النقش ويبقى الصخر والبحر محجوبين عنا
وإن عدت أنا بعد برهة ألحظ الصخر...
يتضاءل النقش فيحُجب ويزول ..
وإذا أمعنت  في التأمل وانتبهت إلى البحر ..
زال الصحر  ...
وبقيت لا  أبصر إلا البحر ..
وعند الإمعان الأعمق والأدق بالتبصر ،
أبصر (1) الأنا ...
لا البحر ..

الموضوع : إدراك حقيقة الأشياء

الحواس ترى المحسوس من الأشياء
وتبقى المعرفة سطحية
لا تتعدى نطاق الصور الحسية
أي ظواهر الأشياء من دون أصلها وحقيقتها ، وجوهر معناها وكنه وجودها
أما النور ( بمعنى الوعي )
فهو الذي يعرف حقيقة الأشياء
وهذا الوعي أعظم من الشمس ، وأسطع نورا وأشد تألقا  ، وأفسح توهجا ..
والسبب هو أن به يرى الإنسان الشمس ، ويعي أنه هو الذي يرى الشمس ..
أما الشمس فلا تملك ذلك وأن العلم الحديث يفسر هذا ، ولا ينكره .

أسئلة :
كمال يقرر بأن العلم يقرر العلاقات القائمة بين الأشياء
ولا ينفذ إلى جوهر تلك الأشياء وحقيقتها ، إنما بلهجة طالب الاستنارة ، والساعي وراء التيقن من حقيقة ما يسمع .
المعلم : تماما كذلك ، إن وجودهذه الأشياء مرتبط بوعي أن وجودها جزئيات ، لا يقوم رباط أو علاقة بين جزء وآخر ، إنما العلاقة قائمة بين الجزء وبيني (2)
كمال يستنتج بأن القواعد والشرائع التي وضعها العلم هي أعمال من صنع أفكارنا لا أكثر ولا أقل .
المعلم : هذا صحيح
كمال : يشير إلى تعبير يرد عند أحد كبار الفيزيائيين pirac ألا وهو عالم الأشياء الخارجية هو العالم الفكري .
المعلم : المسألة التي نستطيع أن نقررها نحن ولا يستطيع العلم أن يفعل ذلك هي أن الأشياء الخارجية قائمة بنور الأنا ، الأنا قئم بذاته ، قائم بنوره أي بنور الأنا .
إنه مكمن التوحيد والوحدة والإتحاد .
وهنا يرد ذكر ديكارت ومقولته " أفكر ، إذا أنا موجود ".
المعلم : يبمح إلى حقيقة تغيب عن تنبه الانسان العادي لها ، وهي أنالإنسان في كل لحظة من لحظات حياته يعيش في المطلق بدون أن يدري ، ومتى بان له ذلك وأدركه تحرر .
وهنا يشير إلى سر من أسرار التلقين الحاصل بين  المعلم والتلميذ وهو أن لولا تلاقي الأثنين معا في المطلق (3) في كل لحظة ، لما وصلا إلى الفهم وحصلا على العلم وتمت لهما المعرفة .
كما يرد على لسان المعلم هنا حديث ذكر أنه حصل بينه وبين أحد أساتذة الفلسفة في باريس .
استاذ الفلسفة : أنا موجود أمامك وأنت أمامي تكلمني فأسمع وأفهم منك ، لو لم نكن روحين مستقلين  ولكن متشابهين .. فكيف أستطيع أن أفهم ما تقوله لي ؟
ثم أردف قائلا لقد سألت هذا من عدد من المتصوفين ولم يتمكنوا من إعطائي الجواب المقتع المفضي بي إلى اليقين .. فهل تستطيع أنت إجابتي ؟
المعلم : في الحقيقة ، لو أدركت كلامي كما أنطق به فقط أي ما هو مني مجرد أصوات أو مجموعة أصةات مركبة ومنتظم بعضها أثر بعض (4) لما استطعت أن تفهم علي شيء .
فالأصوات تبقى عند سماعك اياها أصواتا لا غير .
أما السبب الذي يجعلك تفهم علي هو أننا في كل لحظة نرتفع إلى مستوى المطلق حيث كلانا واحد نلتقي فيه فنفهم به ، أنا ما أقوله لك وأنت ما سمعه مني
أستاذ الفلسفة :  لقد فهمت واقتنعت وايقنت
ثم يسترسل المعلم بتعظيم المطلق . فيذكر كيف أنه هو الذي يعطي القيمة لكل شيء ، للحب البشري المسعد ، المعرف بالعطاء من غير الأخذ .

واحد من مرافقي كمال يسأل ، إذا كانت الفيدانتا طريقا ..
فلماذا لا تعمم ولا تنشر ؟
المعلم : يجيب بأن الحقيقة لا تنحصر بمكان ولا بزمان ..
" الحكيم " أو " المعلم " بحد ذاته ليس إلا المطلق ..
يتعدى المكان والزمان والشخص .
كمال : يوضح المقصد من السؤال فيذكر أن المال هو الذي أوصلهما إلى الهند كما أوصله إلى باريس من قبل حيث تعرض لمعرفة أشياء عن الفيدانتا من راهب هندي
وأن من الناس من يطلب إنما لا يقدر أن يصل إلى باريس أو إلى تريفندروم لكي يتعرضوا لما تعرضنا له ويدركوا ما أدركنا نحن .
المعلم : يطمئن كمال بأن من يطلب يجد ، إنما يشترط في الطالب الإخلاص والتعطش ، ويسوق مثالا لا حصرا أن استاذه هو الذي قدم إليه من غير أن يذهب إليه .




1- البصر هنا البصيرة وليست شبكة العين ، يشار إليها  أحيانا بالعين الثالثة
2- إشارة للوعي المطلق
3- الإشارة إلى أنهما واحد في النحقيقة كما في القول أنت أنا يا أخي ، أنت وجه الرحمن .
4- كما تكون مسجلتان اثنتان للصوت .. الكلام معا وفي آن واحد ، دون أي تفاهم متبادل بينهما

ليست هناك تعليقات: