الاثنين، نوفمبر 29، 2010

ألشاهد على كل شيء ..





الذي يتجلى فيك ...

وفي كل الكائنات ..

هو الشاهد على كل شيء .

أبصره في كيانك الداخلي الأزلي ..

إن كنت نائما ...

أو كنت تحلم أو في حالة صحو ..

هو فيك .

الشاهد الذي يراقب ..

هذه الصور المتنوعة والمتبدلة ...

هي عنصر كيانك المنبثق من " الأنا " .

هو نور ذاته ..

يسطع في غلاف العقل فينا على الدوام .

هو الذي يتعدّى الوجود واللاوجود ..

أياه هو هدفي المطلق ..

أحاول الوصول إليه بدون مهادنة ولا توقف ..

عالما في نفسي ..

أنه لا شيء ..

سوى ذلك المعنى الخفي ..

الذي لا يستطيع الكثيف على إدراكه ..

ولا الوصول إليه ..

لأنه يتعدى كل الظواهر ..

المتجلية ..

أو الباطنة .


الأحد، نوفمبر 28، 2010

ذكريات



قدري أن تكون ...

أجمل اقداري .

لا أستطيع إخفاء ضوء شمعة أضأتها في قلبي بنفسك .

تأسرني وحشة الصمت

بعيدا عن أحبة الأمس ..

أناجي قلبي الأسير

بعد أن أصبح كجسد مركب

دون أشرعة ..

لأبحر في شواطىء الحرمان

أرسم ذكريات الأمس ..

تلك اللحظات التي تألقت فيها السعادة..

وأوقدت فيها الشموع ..

مضت ..

ليمضي معها كل شيء ..

لقد تبعثرت أحلامي .

وغدت كابوسا يطاردني

ويعود الليل ...

ليلفني بثوبه الأسود

لم أعد قادرة على الرحيل ..

فقد تهالكت أشرعة مركبي

ولم تبق لي سوى الذكريات .

كيف لي أن أختار ؟




أتساءل ..

كيف تنقلب أفكار الناس فجأة

وتتغير مع كل نسمة ريح ...

كفصول السنة ؟؟

تبرد مشاعرهم ...

تتلاشى أحاسيسهم ...

بعدما كانوا كحر الصيف ..

أتساءل

كيف تصبح أيامهم كأوراق الخريف ...

بعد أن أمست بالأمل والرجاء والحنين ..

كيف لي أن أختار ..

كيف أشعر والإخلاص بالأمان ؟...

كيف لي أن أعيش عبر الأزمان ؟

متى ؟...

متى تتفتح أزهار الربيع ..

متى تعطي قلوب البشر أريجها وعبيرها العطر ..

عوضا عن عن تجمدها بالثلوج والمطر ؟..

لا أدري ...؟!

هل تبقى المشاعر متجمدة كحبات البرد ؟ لا حب ولا اطمئنان ..

أم أن شعور الإمتلاك والنسيان ..

ما زال يكابر لآخر الزمان ؟!

كيف لي أن أختار ؟

الأربعاء، نوفمبر 24، 2010

إدراك الذات - كريشنا مينيون : تعريب كمال جنبلاط



















الشاهد على الجيفا ( النفس الفردية )
1-إن الذي أدركناه سابقاً يمكن أن يرتفع في الذاكرة فقط و الأنا المتجسدة التي ادركت أو صنعت أو تمتعت بأي شيء ترتفع أيضا في الذاكرة بعض الأحيان . ينجم عن ذلك أن الأنا المتجسدة كانت تشهد عليها أنا جوهرية أخرى في الوقت الذي يتم فيه الإدراك أو الصنع أو التمتع .
( الأنا) الشاهدة هي الأنا الحقيقية فعندما نحدد انتباهنا هناك و نستقر في تلك الأنا الحقيقية نصبح محررين من جميع القيود .
الأنا بوصفها نور الوعي
1- إن النور الذي يدرك أغراض الحواس هو الاتمان ذلك الجوهر الذي لا يتغير و لا يزول ذلك الواحد بدون الثاني الذي يقيم إلى الأبد .
2- لأجل أن نراه كما هو يجب أن نفصل عنه الأغراض أو أن نجعل الأغراض تشير إليه . يجب أن نحول الأنا من الجسد إلى الاتمان , عندئذ يحصل التحرر من القيود و تفيض السعادة و يعم السلام .
الوعي المحض
1- الاتمان هو هذا الانسجام الكلي الذي لا يتبدل و لا يضمحل و الذي فيه الأفكار و العواطف , تغطس و تغرب فعندما نراه و ندخل فيه و نستقر به باعتباره الأنا فإن ذلك يزيل جميع الأوهام و يجلب السلام الأبدي .
الأنا
1- ما من أحد بحاجة لأن يقال له ما هي الذات , لأن كلاً منا يعلم بوضوح أن الأنا لا تتغير و لا تتبدل .
2- الأنا تظل قائمة في جميع الحالات . فهي هناك حيث يوجد فكر و هي هناك حيث لا يوجد فكر .
3- فإذا كان هذا هو شأنها فما من حاجة لبرهان لكي تظهر بأنها ليست الصانع و لا المتمتع لأن الصنع و التمتع يعيشان التبدل و التغير .
4- في الوقت الذي يتم فيه صنع الشيء لا يوجد فكر أو شعور يدل على أننا نحن صانعوه و هذا برهان آخر بأننا لسنا الصانع .
5- الادعاء بصنع الشيء . بعد أن يكون قد تم صنعه يجعل منا صانعاً .
6- إن الشعور العميق بأننا لسنا الصانع و لا المتمتع يزيل جميع القيود ,و يجعل طبيعتنا الحقيقية تتجلى في نورها .
التعريف الخاطئ للذات و سبل التعالي عليها
1- جيفا ( النفس الفردية ) هي تركيب من الجسد و الاتمان , يبدوان كأنهما واحد . فإذا فصل بينهما فإن الجيفا بوصفها كذلك لا يمكن أن تبقى في الوجود .
2- أليس الجسد و الطاقة الحية ( البرانا ) و جميع تبدلات الفكر أغراضاً مدركة ؟ الوعي أي الذات هو المدرك إياها .
3- أولئك الذين يغرب عن بالهم هذا الأمر يوحدون الذات مع الجسد و الفكر ... الخ هؤلاء هم الذين يعيشون في القيود .
4- إن الذين بواسطة التمييز الحكيم يرتعون فوق هذا التوحيد الخاطئ يصبحون أحراراً و يستقرون في السلام في طبيعتهم الحقة .
5- الاعتقاد بأننا جسد كثيف أو لطيف , هو الذي يسبب لنا جميع القيود . و عندما يعرف بأننا وعي , و عندما تكون هذه الفكرة عميقة و قوية فينا نتحرر فوراً من جميع القيود .
6- إن الناظر بوصفه ( المدرِك) لا يمكنه أن يكون المنظور المدرَك . و المدرَك بوصفه كذلك لا يمكنه أن يكون الناظر ( المدرِك) . فإذا ما دخلت هذه الحقيقة عمقاً في قلوبنا . فإن التوحيد الخاطئ بين ذاتنا و الجسد يبطل .
7- يمكننا أن نرى من خلال حياتنا , إنه كثيراً ما نفترض صفات الاتمان على الذي ليس هو بالاتمان . يجب أن نتنبّه لنتفادى الخطأ .
8- عندما تنسب الحقيقة و الوجود إلى الأشياء في العالم الموضوعي , عليك أن تذكر أنك تكون آنذاك كائناً متجسداً أو بمعنى آخر تكون آنذاك موحداً بين الذات و بين الجسد .
9- تذكر دائماً أن التغييرات و التبدلات كالولادة و النمو و الشيخوخة و الهلاك هي كلها من صفات المادة التي هي غرض للوعي .
10- يجب أن يكون واضحاً أن الوعي يختلف عن غرضه و أنه يبقى ثابتاً لا يتبدل في حين أن الأغراض تتغير .
11- الوعي هو نور الاتمان بينما الأغراض ترتبط بوجود الجسد . و عندما تنفصم علاقتنا بالجسد فإن ارتباطنا بالأشياء الخارجية ينفصم أيضاً .
12- في الحقيقة لا يمكن أن يقوم ثمة اتصال أو علاقة بين الاتمان و بين الجسد . كيف يمكن أن تقوم أية علاقة بين أشياء تختلف تماماً طبيعة و تكويناً ؟
13- الاتمان هو الحقيقة الأحدية الوحيدة و الجسم هو بالتأكيد غير حقيقي . ينجم من هذا الواقع أنه صعب أن تكون هنالك علاقة بينهما .
14- واضح إذن أن علاقتهما هي من وحي الخيال أنها تزول عندما نتعرف على الحقيقة و نحافظ عليها حية فينا .
15- إن رغبتنا في البقاء أي في عدم الموت جذورها في الاتمان الذي هو خالد لا يموت .
16- إذا ما ارتبطت هذه الرغبة فيما هو غرضي و توحدت فيه فإنها تكون افتراضاً و تلبساً بصفات الاتمان : فكيف يمكن للأغراض التي هي بطبيعتها محدودة زمنياً أن نجعلها تتعدى الزمن ؟
17- الاتمان هو السعادة ذاتها . لذلك توجد رغبة في السعادة في كل كائن : و عندما نفترض أن السعادة تأتي من الأشياء , فإن ذلك افتراض لميزة الاتمان على الذي ليس باتمان .
18- الرغبة في الحرية أيضا جذورها في الاتمان و الذي هو الوجود غير المشروط الوحيد .
19- الانجذاب , النفور , الخوف , الحزن , القلق , الشعور بالارتباط , الكذب , الكسل , السلبية و ما شاكل تنجم عن علاقتنا بالجسد .
20- الثبات , الحب , السعادة , السلام , الشجاعة , الشعور بالحرية , الصدق , الشعور بالوجود , التيقظ , المعرفة , كل هذا يتعلق بعالم الاتمان .
21- كل ما يضغط على الشخصية يجب أن يفهم على أن أساسه رغبات جسدية .
22- إن كل ما يساعد الفرد على تخطي حدود الجسد يجب أن ينظر إليه على أنه ينساب من الاتمان . فمن واجبنا أن نحسن التفريق بين المواصفات بهذه الطريقة , لكي نستطيع أن نحدد كل شيء و نضعه في إطاره . إن كل شيء يضخم و يؤكد الشخصية يجب أن نفهم أن مصدره هو في علاقة الجسد . إن الذي يساعدنا على تعدي حدود الجسد يجب أن نرى أنه منبثق من الاتمان فالأوصاف يجب أن نميزها بهذه الطريقة و أن نرى كلاً منها في حقله الخاص .
23- إذا فعلنا ذلك هنا و منذ الساعة فإن ذلك يقفل الباب أو يضع حداً في افتراض صفات الاتمان على الذي ليس باتمان .
24- إذا أبطلنا إمكانية الافتراض بهذه الصورة فإننا نعود إلى حالتنا الطبيعية التي تحقق من فيها أن العالم الفرضي بأسره ليس أيضاً إلا وعي .
25- إن هذه الحقيقة الأخيرة يمكن تحقيقها أيضا بتحليل دقيق للعالم الفرضي ذاته .
26- أغراض الوعي لا يمكن أبداً فصلها عن الوعي ذاته , فإنه ليس لها أي وجود مستقل و هي إذن ليست شيئاً إلا وعي .
27- الاقتراب إلى الحقيقة بهذه الطريقة يزيل التوحيد الخاطئ بين الوعي و الجسد و يبطل الأوهام , فيجد الإنسان نفسه آنذاك مستقراً في الاتمان : الحقيقة الوحيدة و الفريدة .
الحقيقة كما هي
1- إن الكلمات التي لا تتغير أو تتبدل أو ليس لها شكل حتى بمضمونها السلبي لا يمكنها أن تظهر الحقيقة كما هي .
2- إن القول بأن الإنسان ليس حيواناً هو بدون شك قول صحيح لكن هل هذا يوضح أياً من خواصه الحقيقية ؟
3- من المستحيل أن تظهر الحقيقة كما هي . و الألفاظ , مهما كانت دقيقة التعبير , تبقى عاجزة عن إظهار الحقيقة . فالكلمات ليست سوى إشارات و دلالات .
4- فإذا تأملنا بالذي تعنيه الكلمات حرفياً , و أخذنا الحقيقة من خلال معنى التعبير فإن اختبارنا للحقيقة يكون مساوياً لعجز التعبير عن احتواء روحية المعنى .
5- أما إذا اتخذت الكلمات كعون للارتفاع فوق جميع الأفكار فإن هذا النهج يكون سليماً تماماً.
6- و عندما نتصور الحقيقة فيما يتعدى جميع الأفكار و نتوجه بتأملنا وفق ذلك فإن الكلمات يمكنها أن تساعدنا و تقودنا إلى مستوى تنعدم فيه جميع الأفكار ... عندئذ نختبر الحقيقة .
7- قد ينشأ شك حول إمكانية التأمل بشيء فيما يتعدى جميع الأفكار . هذا ممكن و الصعوبة في ذلك تأتي من الظاهر فقط .
8- صحيح أنه باستطاعتنا التأمل في الأشياء المحسوسة فقط , و أن ما يدرك هذه الأشياء هي الأنا و الأنا لا يمكنها أبداً أن تكون غرضاً للإدراك .
9- و بما أن الأنا ليست غرضاً للإدراك فإن التامل المباشر للأنا هو غير ممكن بمعنى غير مطروح على بساط البحث , أو غير وارد في البحث على أنه حيث هذه الأنا نختبرها ككينونتنا الخاصة فمن الممكن أن نشاهدها بشكل غير مباشر .
10- هل يمكن التأمل فيها على أنها ما يتبقى بعد إزالة كل ما هو موضوعي من الأنا الظاهرة ؟
11- هذه الفكرة التأملية نفسها تصل آلياً في النهاية إلى نقطة توقف و في سكون التوقف تشع طبيعة الفرد الحقيقية .
12- يمكن التأمل فيما يتعدى الأفكار تأملاً غير مباشر و بطرق اخرى ايضاً .
13- تذكر دائماً و أبداً أن الكلمات كالوعي و المعرفة و الكيان و السعادة كلها مدلولات تدل على الأنا .
14- تمسك بفكرة ما لكي تطرد بها الأفكار الأخرى ثم اجعل هذه الفكرة ترشدك إلى كيانك الحقيقي .
15- فكّر بكينونتك بوصفها الحقيقة المطلقة . فجميع الأفكار تغطس و تزول و الفكرة التي استمسكت بها تتعرى من شكلها و تذوب في حقيقة هذه الكينونة .
16- و كما أننا نستعمل كلمة المعرفة للتعبير عن كلمة العرفان فإننا نستخدم تماماً كلمة السعادة للتعبير عن وظيفة التمتع .
17- إنه من ضمن اختبار الجميع أن المعرفة و السعادة تشرقان عندما تبصر الوظائف المقابلة للعرفان و للتمتع .
18- و هكذا فإن المعرفة و السعادة هما ذات الفرد أي كينونتنا . فإذا كان لنا هذا اليقين و توجهت الفكرة إلى المعرفة فإن هذه الفكرة تخلع شكلها و تغطس و تزول .
19- و الغاطس في النوم العميق لا يغطس أبداً في هذا النوم بل يغطس في كينونته الخاصة . فجميع عقد القلب تنحل فوراً بهذه الطريقة .
الاختبار أو التجربة
1- في اختبارنا الذاتي إذا سميناه بهذه الدقة , لا يوجد فكر و لا غرض خارجي , هذه هي الحالة التي يدخل فيها الفرد مع ذاته الجوهرية .
2- إن الأشياء المحسوسة المعتقد بأنها سبب الاختبار تجذب إليها الجاهل .
3- إذا أمعنا في الأمر نرى أنه لا يوجد شيء يدعى سبباً و نتيجة ... حتى و لو سلمنا بوجود سبب و نتيجة فالنتيجة لا توجد مستقلة عن السبب , كما أن العلة لا يمكنها أن تكون موجودة بلا المعلول ... و من المسلم به أن السبب موجود في المسبب .
4- فما من مسبب يتجلى في اختبارنا الذاتي .. و عن ذلك ينجم أنه لا يوجد سبب في الاختبار .
5- إذا كانت هذه هي الحال فلم التفتيش عن الأشياء إذن ؟ فكل ما هو مطلوب منا هو الاندماج في التجربة .
6- إن التأمل الدائم و المستمر بطبيعة هذا الاختبار يوصلنا إلى الغطوس فيه .
7- و إن تفكيرنا العميق بأن الفرد ليس الفاعل و المتمتع يقودنا إلى النتيجة نفسها .
8- الطريق الأفضل هو أن يدرك الفرد أن الفكر بحد ذاته لا وجود له في الحقيقة أو أنه لا شيء سوى الوعي .
الشاهد على الأفكار
1- التحليل الصحيح يظهر أن الفكر بانتحاله شكل الشيء يؤخذ على أنه ادراك أو معرفة أو تنوير لهذا الشيء .
2- إن من يدرك حقيقة تبدلات الفكرة هو الاتمان , ذلك الجوهر الذي لا يتبدل أو يتغير .
3- و بقليل من التفكير يظهر أنه هو العنصر الذي نعنيه بكلمة أنا .
4- و في الوقوف عند ذلك يتبدد الخداع فحينئذ لا يرى الكائن أي شيء آخر حيث لا يوجد جسد أو عقل أو عالم أو أعضاء حواس .
5- ما من شيء جاء إلى الوجود و ما من فكرة موجودة و ما من شيء وجد قبلاً أو هو موجود الآن .
الوجود الحقيقي هو ذلك الوعي الذي يتمتع بذاته على الدوام .
الكون و الوعي
1- إن الماء في اتصاله بالزمان و المكان , اللذين هما متميزان و مختلفان تماماً عنه يستطيع أن يحدث موجة . لكن لا يوجد إمكانية لإحداث كون بهذه الطريقة .
2- ما من شيء موجود مستقل عن الوعي , فكيف يمكن إذن لشيء مستقل و مختلف أن يتصل بالوعي لكي يحدث كوناً ؟
3- الماء إذا ترك لذاته لا يمكن أبداً أن يحدث موجة ( بدون زمان و مكان ) و كذلك الوعي بحد ذاته لا يستطيع أبداً أن يُحدث كوناً .
4- إذن فالكون هو غير موجود لم يوجد أبداً في السابق و لن يوجد فيما بعد .
5- فالذي هو موجود حقيقة هو الوعي وحده و الوعي هو السعادة ذاتها و الاتمان الذي تعنيه بكلمة أنا هو أيضا هذا الوعي .
ما من شيء يتغير
1- من الواضح أن ما من شيء يمكن أن يتغير و يتحول إلى شيء آخر بدون زوال الجوهر الذي يتكون منه هذا الشيء .
2- إذا اضمحل أو زاد جوهر الشيء فهل يستطيع أن يظل قائماً فيما بعد ؟فإذا لم يستطع فكيف يمكننا القول أنه تحول إلى شيء آخر ؟ ( حيث أن هويته قد فقدت , و أن ما من شيء يصله بالشيء الجديد ) .
3- و هكذا لا يمكن أبداً للتغيير و التبديل أن يلحقا شيئاً و انطلاقاً من هذه الحقيقة لا توجد ولادة أو موت إذ أن كلاً منهما تبدل و تغير
4- إن الإنسان الذي يفتش في طبيعة الأشياء بهذه الطريقة الدقيقة و يكتشف هذه الحقيقة و يقيم بها , هو الروح العظيم الذي توصل إلى غرضه و عرف الشيء الفريد المتوجب عليه معرفته و أضحى مطمئناً إلى الأبد .
جناني : العارف
1- إن هذا الوعي , الذي يظل قائماً بعد نزع كل شيء غرضي مني هو ذاتي .
2- ليس لي جسدٌ و لا طاقة حية ( برانا ) و لا مدركات حسية و لا أفكار أنا فيما يتعدى الجذب و النفور , اللذة و الألم , الخوف و الوهم .
3- أنا وعي محض . عندما أتحقق أن كل غرض , حيثما وجد يدل إلي و يؤكد وجودي إذ ذات أتمتع بذاتي بكل مكان و بكل شيء .
الأنا الحقيقية
1- في حالة النوم العميق و عندما تتم إحدى الرغبات , أنا وحدي أسطع كالسلام الذي لا يكدره نكدر أو كالسعادة الكلية . أنا هو العنصر الصميمي الذي هو سات – شيت – أنندا ذاته . أنا هو الذي يتعدى الكل .
2- تماماً قبل كل فكرة و بعد كل فكرة و قبل كل عاطفة , و بعد كل عاطفة , أسطع في مجدي الخاص من ذاتي . بي الأفكار و العواطف , ترتفع ثم ترقد و تزول أنا الشاهد عليها الذي لا يتغير و لا يتبدل .
3- أنا هو نور الوعي بمجموع الأفكار و المدركات الحسية . أنا هو نور الحب في جميع العواطف لا أولد و لا أموت و لا يلحقني شقاء و لا هم . أتعدى القيود و التحرر في آن واحد .
4- إن العالم الذي يرتفع و ينمو في الفكر و بواسطته , هو أيضاً فكرة بحد ذاته . و الفكر ليس شيئاً إلا وعي , و الوعي هو كياني . إذن العالم بأسره وعي و الذي هو ذاتي . أنا كامل و غير قابل للتجزئة .
5- ليس بي خاصية و لا تعلق و لا أنانية . أنا أزلي , غير صانع , كلي طهارة قائم بذاتي و منير بذاتي . لا صفة لي . لا أتغير و لا أتبدل و غير مقيد بشيء . أنا مسكن الحب الذي لا دنس فيه . الواحد بدون الثاني و الذي هو مطمئن إلى الأبد .
الأفكار و الأغراض
1- إن سبب جميع القيود هي نسبة الوجود إلى أشياء ترتفع في الفكر .
2- الشكل يمكن أن يوجد فقط كغرض للإبصار . و لا يمكن مطلقاً أن يكون مستقلاً عنها . هذه القاعدة تنطبق على جميع أغراض الحواس .
3- الأغراض ليس لها علاقة أحدها بالآخر . إن علاقتها تقوم على الدوام مع الفكر وحده .
4- إن الغرض لا يمكنه أن يوجد أبداً و لو لبرهة , إلا إذا عرفه الفكر و عندما يتبدل الفكر و يتغير فالغرض أيضاً يتبدل و يتغير .
5- الغرض و الفكر لا ينفصلان أحدهما عن الآخر . فهما إذن واحد . الحقيقة هو أن ذاك الشيء الوحيد الفريد قد أبقي مجزأ بواسطة الكلمات .
6- إذن فالاعتقاد ذاته بأن الشيء يرتفع في الفكر هو محض خداع . لا يوجد إلا الفكر وحده , و إن محتوى الفكر هو وعي .
7- إذا أبقينا هذه الحقيقة حية فينا , فإن الفكر لا يلبث أن يضمحل و الوعي وحده يسيطر إذ ذاك يحدث التحرر من جميع القيود .
وجهان للوعي
1- سافيت ( الوعي ) له وجهان : المشروط و غير المشروط . الأول هو الذي ينير أغراض الوعي أما الثاني فهو محض وعي .
2- إن أغراض الحواس كالصوت و اللمس و الشم ... الخ هي محض صور فكرية . إذا دققنا في كلامنا سنعرف أن الأفكار هي أغراض للوعي .
3- إن الذي لا يستطيع بواسطة التحليل الدقيق و التمييز أن يتوصل إلى الوجه غير المشروط للوعي يبقى مقيماً في الوجه المشروط . إنه سيتوصل إلى اللامشروط مع مرّ الزمن إذا لم يظل قانعاً بالمشروط .
4- إذا تأملنا بدقة فإننا نستطيع أن نرى كل فكرة ترتفع و ترقد في الوعي المحض وحده .
5- إن كل ما ليس هو وعي هو صور فكرية . الوعي المحض لا يستطيع أبداً أن يكون شاهداً عليها .
6- لا حجة في القول إن الذاكرة – و هي ذاتها صور فكرية – تقوم بدون تبدل و لا تغيير تراقب جميع الأفكار في تتابعها .
7- إن الاختبار العادي يدلنا أنه عندما يكون الفكر هناك ... تكون أفكار أخرى .. فإن الذاكرة لا تكون مع هذه الأفكار . فكيف يمكن للذاكرة إذن أن تدعو الأفكار السابقة ؟
8- إذا كانت الذاكرة لا تستطيع أن تفعل هذا فإنها ليست بذاكرة على الإطلاق و الذاكرة هي إذن مدلول بلا معنى .
9- لا نستطيع حسب الأفضلية إلا أن نعلن بأن الذاكرة هي التي على الدوام تدعو الأفكار السابقة .
10- إذا كانت الذاكرة غير موجودة فإنه ينجم عن ذلك أن الأفكار الأخرى هي ايضاً غير موجودة حيث أنه لا يوجد شاهد كلي يبرهن على وجودها .
11- ندرك إذن بوضوح أن الذي يظهر بأنه مشروط هو أيضاً وعي غير مشروط .
المبصِر و المبصَر
1- إذا نظرنا من خلال العضو الكثيف – العين – فإن الأشكال الكثيفة وحدها تظهر . إن العلاقة ذاتها هي قائمة بين سائر أعضاء الحواس الكثيفة و بين أغراضها .
2- إذا تركنا جانباً الأعضاء الحسية و تطلعنا من خلال العضو اللطيف المسمى بالفكر فإن الأشكال اللطيفة إذ ذاك تظهر .
3- و عندما ننظر من خلال الوعي المحض الذي لا صفة له فإننا نرى الوعي وحده و لا شيء سواه .
4- و الاختبار يبرهن أن العالم الغرضي يظهر دائماً و أبداً مع المقام الذي يتخذه الشخص المدرك .
5- إذن ليس هو العالم الغرضي الذي يضع العقبات في طريق التقدم الروحاني بل هو المقام الخاطئ الذي نكون قد اتخذناه .
6- إذا تخلصنا من ذلك فإن الإشراق الروحاني يتبع إذ ذاك . و لأجل التخلص من هذا المقام فإن الشجاعة و الانتباه المحدد و تقوية القلب هي ضرورية جداً .
7- إن التحليل الدقيق للعالم الغرضي يوصلنا إلى النتيجة ذاتها .
8- عندما نصل إلى الاستنتاج بأن هذا العالم الذي يبدو في مظهره جماداً , هو فكر محض , فإن ذلك لا يوفر حلاً للمشكلة بكاملها , و لأن ذلك لا يمكنه أن يجعلنا نطمئن الاطمئنان التام لأن العالم الفكري يظل قائماً .
9- إن التحليل لا يعطينا اطمئناناً لأننا قمنا به من مستوى العقل الذي بقي بدون تحليل .
10- و العقل بحد ذاته هو شيء مدرَك أليست هي ذاتنا ( الوعي ) التي هي المدرك الحقيقي ؟ لأجل تحليل الأفكار يجب أن نتخذ مقامنا في الوعي المدرك .
11- عندما نستوعب أن محتوى الفكر ليس شيئاً إلا وعي فإن الفكر يضمحل و الوعي وحده يبقى .
12- إن الوعي عندما نفترض خطأ أنه مقيد بحيّز الزمن يظهر و يتنزّل كفكر . في الحقيقة ليس هو مقيداً هكذا .
13- أليس الزمن بحد ذانه فكرة ؟ فكيف يمكننا إذن أن ننسب ارتفاع فكرة إلى تقيّد الوعي بالزمان ؟
14- إذن و بمعنى أدق لا يوجد فكر . يوجد فقط وعي , و فكرة الزمن هي محض افتراض سببه الخداع .
15- وحده الذي منذ البداية حتى النهاية يحافظ على موقف شاهد غير مبال و يدرس الأشياء بهدوء و بعينٍ ناقدة غير مترددة , يمكنه أن يصل إلى الحقيقة المطلقة .
16- في حال اليقظة يدرك الفرد أن أغراض الحلم لم تكن حقيقية .
17- إذا كان الإنسان المشاهد في الحلم غير حقيقي فعقله أيضاً ليس حقيقياً .
18- أفكاره , بصره , سمعه ... الخ كذلك ليست حقيقية .
19- كذلك فإن الإنسان صاحب الحلم و الذي هو أيضاً نتيجة حلم لا يمكنه إلا أن يكون غير حقيقي .
20- الجسد في حالة الحلم هو غيره في حالة اليقظة . عندما يكون الأول في حالة نشاط يكون الثاني مضطجعاً في حالة سلبية .
21- إن أفكار و إدراكات الفرد و هو في حالة حلم لا يمكنها أن تكون ادراكات و أفكار الفرد و هو في حالة يقظة .
22- إن أفكار و ادراكات الأول ليست حقيقية كونها نتيجة الحلم .
23- عندما يبرز السؤال : من كان صاحب الحلم ؟ الجواب الصحيح على ذلك هو أنه لا أحد كان يحلم , و أنه لا توجد هناك حالة حلم قط .
24- كذلك إذا دقق في عالم اليقظة سيتضح أنه غير موجود . عندها يستعيد الإنسان طبيعته الحقة و يقيم في الوعي الصافي باستمرار .
شري كريشنا مينون
تعريب كمال جنبلاط

الثلاثاء، نوفمبر 23، 2010

إدراك الذات - كريشنا مينيون : تعريب كمال جنبلاط



الجزء الثاني





التفتيش عن سبب العالم – ليس له معنى
1-
ما من سؤال يمكن طرحه حول الزمان و المكان و سبب مصدر هذا العالم لأن جميع المقاييس هي أجزاء من هذا العالم .

2- إن مثل هذه التساؤلات تهدف إلى تفسير الكل بواسطة أجزائه : لذلك لا يمكن أبداً أن تكون هذه التساؤلات منطقية .
3- و السؤال الذي يفترض وجود صانع فيما يتعدانا ليس هو أيضا سؤالاً سليماً : لأن فعل الإفتراض ذاته يفترض صانعاً له .. إذن فالسؤال أيضا غير منطقي .
الفكر و الصفاء الكلي
1- إن الوعي الذي يتوجه خارجاً إلى الأغراض هو الفكر .. و أن الوعي الذي يتوجه عائداً إلى الذات هو محض صفاء .
2- فالحكماء أجمعت بأن الفكر هو الجهل و الصفاء الكلي هو المعرفة فبالمعرفة وحدها طريق الخلاص و بالجهل القيود و العبودية .
3- فعلى الراغب في التحرر أن يتخذ طريق المعرفة لأجل التحرر .
4- في التحرر فقط نصل إلى السلام الأزلي و الكفاح المستمر لأجل التحرر نهايته الإشراق .
مراحل التنور المختلفة
1-إن الذي ينجذب إلى جمال صورة منقوشة على قطعة صخرة يكوّن فكراً فينسى هذا الفكر واقع الصخرة الذي هو مرتكز الصورة .
2- و عندما يزول الانجذاب و يرتفع فوقه و يتطلع إلى الصورة فإنه يرى المرتكز الذي يحمل الصورة .
3-و هكذا عندما يتوجه الانتباه إلى الصخرة فإننا نرى الصورة ضمن الصخرة و فيما بعد نرى أن الصورة ليست سوى الصخرة .
4-إشراق الحقيقة يتم أيضا بهذا الشكل ... إن الوعي يكون محجوباً و بصورة خاصة بسبب انجذابنا و ارتباط اهتمامنا بالأغراض الخارجية .
5-عندما نتعدى هذا الاهتمام و ننظر إلى الأغراض نظرة واعية فنراها ترتفع ثم ترقد في الوعي وحده ... و هكذا عندما يبدأ الوعي يتوجه انتباهنا الكلي إليه .. و الوعي يتجلى في الأغراض أيضا . و هذه الأغراض تتحول في مجرى الزمن إلى وعي .
6-تحقيق الحقيقة لا يعني سوى تحقيق ذاتنا و العالم بأسره على اعتبارهما شيء واحد .
النوم العميق – المشاهدة الأخيرة – و الحالة الطبيعية
1- في الوعي ترتفع الأغراض عندما تزول الأغراض فالذي يبقى قائماً هو هذا الوعي و ليس العدم .
2- فإذا تجذرت هذه الحقيقة بعمق في أفكارنا فإن النوم العميق ينفض عنه صفته الحاجبة للوجود و يتحول إلى المشاهدة في أرفع تجلياتها .
3- و عندما نتحقق أيضاً أن الأغراض ليست شيئاً إلا وعي فحينذاك نعود إلى طبيعتنا الحقيقية التي لا تتبدل و لا تتحول و التي هي فوق جميع الحالات بما فيها المشاهدة .

إدراك الذات - كريشنا مينيون ( تعريب كمال جنبلاط)

الجزء الأول

ادويتا – اللازدواجية
1- النفوس الفردية /جيفا/ كأمواج البحر تأتي إلى الوجود تعلو ثم تهبط , تتعارك مع بعضها ثم تموت تصطخب احداها بالأخرى ثم تموت .
2- عندما ترتطم الأمواج بالشاطئ تستنزف ذاتها فتعود متعبة منهوكة تنشد الراحة و السلام و هكذا النفوس الفردية /جيفا/ تنشد المطلق بطرق مختلفة .
3- الأمواج ليس إلا ماء و هكذا البحر و كذلك النفوس الفردية / جيفا/ ليست سوى المطلق فجيفا و المطلق لا يختلفان عن سات و تشيت و انندا .
4- الأمواج تولد و تموت في البحر و جيفا ( النفوس الفردية ) يولد و يموت في المولى .
5- عندما تدرك الأمواج أن البحر هو مرتكزها المشترك فكل صراع فيما بينها يبطل .
6- خلاصة القول ثمرة الكلام إن ما نقصده هو العمل على إزالة مفهوم الإحساس الخاطئ بالانفصال .
7- عندما يحقق الماء نفسه : الموج و البحر يتلاشيان و ما كان يبدو مزدوجاً يصبح بالتالي واحداً .
8- يمكن بلوغ الماء مباشرة من الموج باتباع الطريق المباشر فإذا أخذ طريق البحر يلزم وقت أطول .


الاثنين، نوفمبر 22، 2010

السلام الداخلي










في عالم الحروب هل من الواقعي أن نحلم بالسلام ؟




لقد كنت مفتوناً بفكرة السلام العالمي , إنها فكرة عظيمة , و عندما بدأت بالسفر حول العالم و لقاء الناس وجدت أنه لا يوجد شيء مادي ملموس يمكن أن يُطلَق عليه اسم (عالم), ليس العالم هو الذي يحتاج لأن يكون مستقراً وثابتاً بل الناس . عندما يكون الناس في سلام داخلي سيكون هناك سلام عالمي . في الوقت الحاضر لا يزال الناس ميالين للحرب .




تبدأ الحرب بالرفض و الاستنكار , فريق يقرر أن أسبابه أعظم و الفريق الآخر أسبابه غير موجودة , و تتعاظم الأسباب بينما يتضاءل الإنسان ليصبح لاشيء . يحارب الناس لأنهم يعطون لأسبابهم شرعيّة أكثر من حياة الناس . و في تبريراتهم يقلّلون من قيمة حياة الإنسان . و عندما ظهرت فكرة أن الحرب أهم من حياة الإنسان, انقلب الميزان , و مازال الأمر مستمراً نحو الأسوأ .




يحارب الناس عندما يعجزون عن إدراك غاية الحياة , لأننا في الحرب نبدد الحياة , الحرب لا توجد فقط في ساحة المعركة , في البيت و بدون حرب نحن نبدد الحياة , وتبدو الحرب الخارجية أليفة بالمقارنة مع ثورة المعركة في داخل الإنسان , في هذه المعركة تُهدَر الأعمار و يُضَحّى بأثمن اللحظات . المعركة الداخلية هي المعركة الكبرى (جهاد النفس هو الجهاد الأكبر) . نحن بحاجة لأن نكون في سلام مع أنفسنا لأن قسماً كبيراً من الإنسان دُمِّر في ساحة معركته الخاصة .




القلق الداخلي يبعدنا عن الوصول للسلام الحقيقي , و ستبقى دائماً الحرب الخارجية طالما لا يوجد سلام في داخل النفس . التعب الجسدي بالتأكيد سيجلب البؤس و الألم , لكن التعاسة التي تأتي من تعب القلب أسوأ بكثير , إنها من الأشياء الأكثر تعاسة ولا زال القلب يتحملها منذ زمن طويل .




كل واحد منا لديه سارق خفي يتبعنا أينما ذهبنا , ماذا يفعل هذا السارق ؟ إنه يسرقنا , لا يمنعه شيء لا الأقفال و لا الأبواب و لا أجراس الإنذار . هذا السارق لا يأخذ المال أو الملابس , إنه يسلبنا أثمن ذُخرٍ نملكه , إنه يسرق الفرح , السلام , الرضا . يسرق إدراكنا , يسلبنا ما هو أهم بكثير من أي شيء آخر . عندما نقول " أريد السلام في حياتي ..لكني سأعمل على تحقيق ذلك فيما بعد " نعطي الإذن لذلك السارق الخفي أن يدخل , هذه هي الإشارة التي يريدها , كل ما يريد سماعه " ليس الآن " و يقول السارق عندها " يوجد من يمكنني أن أسرقه لأنه لا يحمي جوهرته الثمينة , إنه يبددها , يرميها " . و في تلك اللحظة نكون قد سُلِبنا أهم شيء بالنسبة لنا .




داخل كلٍّ منا شيء ما يتوق للسلام . في أوقات الفوضى و الاختلال هناك شوق للسلام . عند وجود الشك هناك شوق للثقة , عند الألم شيء داخلي يبحث عن ومضة أمل , عن الفَرَج . الإنسان يحتاج للحب لأنه يشعر بالحب , و السؤال : ما الذي يمكن أن يكون مصدر هذا الحب ؟ الإنسان يحتاج للثقة, لكن ما الذي سيكون مصدراً لهذه الثقة ؟ ما هو أهل للثقة يمكن أن يوثَق به ,هذا يعطي الدعم الذي يحتاجه المرء في حياته . بشكل مماثل , لا شك أن الإنسان يحتاج للسلام . في الحقيقة ما يمكن للمرء أن يفعله في هذا الأمر قليل جداً . إنه العطش الفطري المتأصل في كل إنسان . السؤال : ما الذي سيكون مصدراً لهذا السلام ؟




السلام ليس ضرورياً في الفكر إنه ضروري في القلب , العقل و الإدراك لا يمكنهم انتزاع السلام , إن لهما دوراً مختلفاً .




السلام , الفرح , و السعادة الحقيقية , ليست موضوعات خاضعة للتفكير , إنها أمورٌ تُحَسّ . هناك شعور خلف وجودك على قيد الحياة ليس له أي تفسير . إنه الشعور الذي يجب على الإنسان أن يصل إليه حيث توجد الراحة , هناك حيث يوجد الفرح , حيث يوجد الرضا . إنه ذلك الشعور الذي نحتاجه لنعيش حياتنا . نعتقد أننا بحاجة لشرح ما هو السلام , لكن السلام لا يمكن أن يُشرَح , إنه فقط يُحَسّ .




الرضا شعور , عندما نرضى شيء ما بداخلنا يقول " نعم أنا راضٍ , مُكتَفٍ " . بالنسبة للعطشان , حتى لو رأى ألف شخص يشربون الماء لن ينفعه ذلك بشيء , لن ينفعه إلاّ أن يشرب الماء بنفسه .




أين نجد السلام ؟




إنه بداخل كل فرد و لكل فرد أن يقول " أريد السلام في حياتي " . المجتمع لا يملك السلام , المجتمع غير موجود , لا يوجد سوى الناس , السلام بسيط يشعره الفرد و لا يحتاج لأخذ وصفات جاهزة أو صيغ لإيجاده .




ما أتحدث عنه هو السلام الداخلي , سلامي , و ليس السلام في الخارج . يعتقد كثير من الناس أن السلام سيأتي عندما يسيطرون على كل عنصر من عناصر حياتهم , هذا لن يحدث , إنه ليس في متناول يديهم , ليس في متناول أي شخص أن يدرك و أن يتحكم بكل شيء , كل ما أستطيع أن أفعله هو أن أفهم نفسي .




ابحث عن السلام في الداخل , حتى لو انتهت كل الحروب الأخرى , طالما أن الحرب بداخلنا ما تزال مستمرة فلن نكون في سلام . إذا كنا في سلام مع أنفسنا عندها لن يعنينا إذا كانت الحرب في الخارج مستمرة .




هناك ابتسامة قادمة من مكان عميق للسلام و الفرح لا يمكن لشيء أن يأخذها منك . تلك هي الابتسامة التي يستطيع كل منا أن يَبْتَسِمها .السلام الذي يكمن في ذلك المكان , في القلب , هو السلام الوحيد الذي يمكنه أن يعطي هذه الابتسامة .




يوجد سيمفونية تُعزَف في الداخل , يمكننا أن نتيقّظ لتلك الفرصة , الأمر كله فرصة . يمكنك أن تكون راضياً , أن تكون في سلام داخلي , يمكنك أن تدرك قيمة كل نَفَس , أن تعترف بالشوق للحياة , يمكنك أن تحول الألم لشكرٍ و امتنان , الشك إلى يقين , من الممكن أن تحول كل الأسئلة لجواب واحد , الجواب الذي ليس بعده أي سؤال .




السلام الداخلي ليس شيئاً يمكن اختلاقه أو اختراعه , إنها عملية كشف و إظهار للسلام الموجود فينا أصلاً . تخلّص من كل الأشياء الأخرى و سيكون السلام هناك لأنه موجود فينا جميعاً. متى يأتي الفرح حقاً ؟ عندما نتوقف عن كل الأفعال الأخرى التي نقوم بها سوف نشعر بالفرح لأنه موجود أصلاً في داخلنا . السلام و الفرح موجودان أصلاً في الداخل و عندما نحاول أن نخلقهما سوف نبتعد عنهما أكثر .




كل المعرفة هي في إيجاد السلام الداخلي بدون أي مُحَفّز , أن تجد نفسك . كثير من الناس يتوقعون أن المعرفة ستجعلهم كائنات إنسانية كاملة . الأمر ليس هكذا , كل منا إنسان كامل , لا نستطيع أن نكون أكمل من ذلك . في أكثر الناس قلقاً رأيت السلام , و في أكثر الناس كرهاً رأيت الحب .




عندما نكون في ذلك المكان الحقيقي , عندما يوجد الرضا , عندها يوجد السلام , عندها يوجد الفرح , و ما يحتاجه الأمر هو القبول , علينا أن نعترف بوجودها في هذه الحياة و أن نكون راضين قانعين مُكتَفين .




هناك أمل , و هناك غاية في الحياة أكبر من الأمور الدنيوية التي نجد أنفسنا منغمسين فيها. إن الحاجة التي يشعر بها الناس دائماً في حياتهم جوابها دائماً في الداخل . إذا كنتم تبحثون عن السلام فالمكان الصحيح للبحث هو الداخل .




عندما يكتشف الإنسان حقيقة غياب الصدق و السعادة من حياته , غياب السلام , سوف تأتي من داخله نار حقيقية و شوق لإيجاد السلام , و يبدأ البحث .




حان الوقت لتبحث عن العطش , إنه العطش الداخلي الذي يدفعنا في الاتجاه الصحيح , هذا ما نحتاجه, إعادة اكتشاف ذلك الشعور القوي بالفرح و لندعها تصبح القوة المسيِّرة لنا .




عندما تشعر هذه الحياة بالاكتفاء , عندما لا يضيع هذا النَّفَس هباء , يبدأ اللُّطْف بالظهور , اللُّطْف هو القلب عندما يُملأ بالفرح , هذا عندما يدخل السلام في حياتنا , هذا عندما نبدأ بإيجاد حلول جديدة لمشاكلنا . ليس الأمر هو أن مشاكلنا قد حُلَّت , و لكن لأننا وجدنا في الداخل تلك البساطة الرائعة .




كل إنسان يملك شيئاً رائعاً في الداخل , بداخل كل إنسان جمالٌ عظيم , بداخل كل إنسان سلام , فرح , الشعور في القلب . الحياة هبة و نعمة و علينا أن نفتح نوافذ الفهم لنصل إلى الاكتفاء , كلُّ إنسانٍ كاملٌ بذاته , و داخل كل واحد منا تُشِعُّ شمسٌ مشرقة .







(كتاب الإنسان)

أصوات الفيدا الأولية










إن الأصوات الأولية تلعب دوراً إيجابياً هاماً في تحسين صحة الإنسان الفكرية و الجسدية فما هي إذن هذه الأصوات ؟





تبدأ قصة ألأصوات الأولية في مستوى الحقل الموحد أو الوعي الصافي أي في مستوى الوجود الأحدي في ذلك السكون اللامتناهي حيث لا يزال العارف و طريقة المعرفة و موضوع المعرفة واحداً حيث الكلُّ موجودٌ و الكل واحدٌ بدون أية ذاتية مميزة .





عندما يدرك الوعي الصافي ذاته تبدأ سلسلة من االتفاعلات الديناميكية الذاتية المرجعية و تولد المظاهر الأولى للتعددية من خلال ظهور مفاهيم العارف و عملية المعرفة و موضوع المعرفة.





تولد في هذه المستوى أنماط و نماذج معقدة من التموجات و الذبذبات المرافقة لانبثاق الحركة من السكون و التعددية من الأحدية .





تشكل هذه التموجات اللطيفة البنية الكوانتية الأولية للوجود المادي التي تبدأ من هذا المستوى ( اللطيف و غير المنظور ) بمتابعة تحولاتها حتى تبلغ مستوى الوجود المادي الكثيف حيث تصبح بنى مادية منظورة و محسوسة و مختلفة الأنواع و الأحجام و الوظائف .





تطلق الأيورفيدا على هذه التموجات و النبضات الأساسية إسم أصوات الفيدا الأولية و ذلك لأن تلك التموجات يتم سماعها على شكل أصوات في داخل حقل الذكاء الصافي الذي يعتبر أعمق مستوى للحدس المباشر و المعرفة الذاتية .





أدرك الحكماء المتنورون منذ القدم تلك التموجات و الاهتزازات أثناء غوصهم العميق في الوعي الصافي , أدركوها على شكل أصوات تتردد في عمق ذواتهم المتواجدة في ذلك المستوى الرفيع و من ثم قاموا بنقلها إلى مستوى اللغة المسموعة مستعملين الألفاظ السنسكريتية و الإيقاعات و الأنغام الأكثر مشابهة لها في سبيل نقل الصورة المطابقة لها إلى مستوى الإدراك السمعي العادي.





تمثل ألأصوات الأولية قوانين الطبيعة الأساسية فور انبثاقها من الوعي الصافي و تشكل الهيكل الرئيسي للمعرفة الفيدية الصافية المحتواة في شمولية الفيدا .





تناقل الحكماء هذه الأصوات الأولية جيلاً بعد جيل بواسطة الحفظ و توارثوا تلقينها و تلاواتها البالغة الدقة بواسطة البانديت و هم الأشخاص الذين يتفرغون للتأمل و حفظ و تلاوة هذه الأصوات بالنغم و الإيقاع و اللحن المطلوب بطريقة لا تقبل الخطأ و ذلك لأنهم يدركون أن هذه الأصوات تمثل الاختلاجات الأولى لكافة أشكال الحياة في المستوى الأعمق للوجود .





تعتبر الأيورفيدا أن الإنسان يرتبط بالوعي الصافي الذي يشكل مرجعيته الأساسية بواسطة ما يمكن تشبيهه بأسلاك دقيقة خفية ذات ذبذبة لطيفة جداً هي الأصوات الأولية .





يلعب الإصغاء إلى الأصوات الأولية دوراً هاماً في حثِّ الجسم الكمي أو الكوانتي على المسارعة إلى تصحيح الخلل الواقع في المستوى الكوانتي مما يؤدي لاحقاً إلى إصلاح الخلل المقابل له في البنى المادية الكثيفة و ذلك لأن الاستماع إلى تلك الذبذبات الأساسية يشكل جرعة تذكيرية للجسم الكوانتي و إنعاشاً لذاكرته بخصوص كيفية الأداء الصحيح وفقاً للبرنامج الأصيل القادم من مستويات الوعي التي لا يطالها الخلل .





يقول خبراء الأيورفيدا أن الأشخاص الذين يستمعون إلى الأصوات الأولية يعيدون إحياء تلك الموجات الأساسية في وعيهم الذاتي , مما يعود بالفائدة على الجسم و العقل معاً و ذلك لأن كلاهما يتعاملان أيضياً أي غذائياً مع ذلك النوع من الغذاء اللطيف .





يصعب على من لا يرى من الحياة إلا مستواها المادي الظاهر أن يستوعب مسألة تأثير الأصوات الأولية الإيجابي على الصحة و ذلك بسبب جهله لتركيبة الوجود الكوانتية و رفضه لفكرتها من حيث المبدأ .





يقول خبراء الأيورفيدا بأن المستويات الكوانتية اللطيفة المستترة تحكم نشاط كافة المستويات المادية الظاهرة و أن حدوث أي خلل في البنية الكوانتية يليه نشوء خلل مقابل في البنى المادية التابعة لها وبالتالي فإن إعادة الوتيرة الصحيحة لذبذبة البنية الكوانتية يليها تلقائياً إصلاح الخلل الواقع في البنية المادية الموازية لها .





قد يكون من المفيد أن نحاول تبسيط مسألة تأثير الأصوات الأولية على الصحة بواسطة مثال الذبذبات الفوق الصوتية و إن كان موضوعها مختلف كلياً عن موضوع الأصوات الأولية و لكنه مثال يمكنه إعطاء فكرة عن التأثيرات المادية للأصوات المسموعة و غير المسموعة .





تستخدم الذبذبات فوق الصوتية في عيادات أطباء الأسنان لتفتيت الجير الصلب المتراكم حول الأسنان و في عمليات تعقيم المواد و الأدوات الطبية الجراحية و لمعالجة التهابات العضلات و المفاصل و يكمن الفارق بين الذبذبات المذكورة و الأصوات الأولية في أن الذبذبات فوق الصوتية تمارس فعلها مباشرة على البنى المادية بينما تمارس الأصوات الأولية فعلها على البنية الكوانتية ليظهر لاحقاً تأثيرها على البنية المادية .





و يعزو خبراء الأيورفيدا تأثيرات الأصوات الأولية الإيجابية على الصحة إلى كون الأصوات نابعة من مستوى الوعي الصافي أو الحقل الموحد لكافة قوانين الطبيعة و بما أن هذا الحقل فائق التماثل و في حالة توازن كاملة فإن تجربة هذه الأصوات النابعة منه مباشرة تجلب توازناً أكبر إلى السيكوفيزيولوجيا .





يتفق هؤلاء الخبراء على أن أكثر ألأصوات الأولية نقاء و أعمقها تأثيراً هي تلك العائدة إلى الرك فيدا لأن الفيدا الرك تمثل المعرفة الصافية الأساسية و شيفرة الخلق أو الدستور الكوني الحاوي على قوانين الطبيعة بأشكالها الأكثر أولية و جوهرية , إذ يمثل كل مقطع لفظي أو صوتي من الرك فيدا شيفرة قانون طبيعي معين و كذلك هو حال تسلسل تلك المقاطع و الفراغات التي تفصل بينها و العلاقات الرياضية الدقيقة التي تربطها ببعضها البعض .





توجد عدة طرق للاستماع إلى الأصوات الأولية إذ يمكن الإصغاء إليها لدى تلاوتها مباشرة من البانديت أو الاستماع إلى تسجيلاتها على شرائط الكاسيت كما يمكن لمن يريد أن يتعلم تلاوة مقاطع معينة منها يقوم بتلقينه إياها خبير في هذه الأصوات لكي يعاود ترديدها شخصياً عندما يرغب بذلك كما يمكن أخيراً ترديد الأصوات الأولية فكرياً في داخل الذات و هذه الطريقة تجعل تأثيرها أقوى مما هو في حالة الاستماع بواسطة الأذن .





ملاحظة :





إن الاستماع إلى الأصوات الأولية يتطلب الإصغاء إلى الصوت كصوت فقط من دون محاولة ربط ما يتم سماعه بأية معان لغوية , أي يفترض أن تتم متابعة اللفظ و اللحن و النمط الإيقاعي بهدوء و براءة لأن ذلك كاف للحصول على التأثير المنشود كاملاً غير منقوص .







( كتاب الإنسان )