الأربعاء، نوفمبر 24، 2010

إدراك الذات - كريشنا مينيون : تعريب كمال جنبلاط



















الشاهد على الجيفا ( النفس الفردية )
1-إن الذي أدركناه سابقاً يمكن أن يرتفع في الذاكرة فقط و الأنا المتجسدة التي ادركت أو صنعت أو تمتعت بأي شيء ترتفع أيضا في الذاكرة بعض الأحيان . ينجم عن ذلك أن الأنا المتجسدة كانت تشهد عليها أنا جوهرية أخرى في الوقت الذي يتم فيه الإدراك أو الصنع أو التمتع .
( الأنا) الشاهدة هي الأنا الحقيقية فعندما نحدد انتباهنا هناك و نستقر في تلك الأنا الحقيقية نصبح محررين من جميع القيود .
الأنا بوصفها نور الوعي
1- إن النور الذي يدرك أغراض الحواس هو الاتمان ذلك الجوهر الذي لا يتغير و لا يزول ذلك الواحد بدون الثاني الذي يقيم إلى الأبد .
2- لأجل أن نراه كما هو يجب أن نفصل عنه الأغراض أو أن نجعل الأغراض تشير إليه . يجب أن نحول الأنا من الجسد إلى الاتمان , عندئذ يحصل التحرر من القيود و تفيض السعادة و يعم السلام .
الوعي المحض
1- الاتمان هو هذا الانسجام الكلي الذي لا يتبدل و لا يضمحل و الذي فيه الأفكار و العواطف , تغطس و تغرب فعندما نراه و ندخل فيه و نستقر به باعتباره الأنا فإن ذلك يزيل جميع الأوهام و يجلب السلام الأبدي .
الأنا
1- ما من أحد بحاجة لأن يقال له ما هي الذات , لأن كلاً منا يعلم بوضوح أن الأنا لا تتغير و لا تتبدل .
2- الأنا تظل قائمة في جميع الحالات . فهي هناك حيث يوجد فكر و هي هناك حيث لا يوجد فكر .
3- فإذا كان هذا هو شأنها فما من حاجة لبرهان لكي تظهر بأنها ليست الصانع و لا المتمتع لأن الصنع و التمتع يعيشان التبدل و التغير .
4- في الوقت الذي يتم فيه صنع الشيء لا يوجد فكر أو شعور يدل على أننا نحن صانعوه و هذا برهان آخر بأننا لسنا الصانع .
5- الادعاء بصنع الشيء . بعد أن يكون قد تم صنعه يجعل منا صانعاً .
6- إن الشعور العميق بأننا لسنا الصانع و لا المتمتع يزيل جميع القيود ,و يجعل طبيعتنا الحقيقية تتجلى في نورها .
التعريف الخاطئ للذات و سبل التعالي عليها
1- جيفا ( النفس الفردية ) هي تركيب من الجسد و الاتمان , يبدوان كأنهما واحد . فإذا فصل بينهما فإن الجيفا بوصفها كذلك لا يمكن أن تبقى في الوجود .
2- أليس الجسد و الطاقة الحية ( البرانا ) و جميع تبدلات الفكر أغراضاً مدركة ؟ الوعي أي الذات هو المدرك إياها .
3- أولئك الذين يغرب عن بالهم هذا الأمر يوحدون الذات مع الجسد و الفكر ... الخ هؤلاء هم الذين يعيشون في القيود .
4- إن الذين بواسطة التمييز الحكيم يرتعون فوق هذا التوحيد الخاطئ يصبحون أحراراً و يستقرون في السلام في طبيعتهم الحقة .
5- الاعتقاد بأننا جسد كثيف أو لطيف , هو الذي يسبب لنا جميع القيود . و عندما يعرف بأننا وعي , و عندما تكون هذه الفكرة عميقة و قوية فينا نتحرر فوراً من جميع القيود .
6- إن الناظر بوصفه ( المدرِك) لا يمكنه أن يكون المنظور المدرَك . و المدرَك بوصفه كذلك لا يمكنه أن يكون الناظر ( المدرِك) . فإذا ما دخلت هذه الحقيقة عمقاً في قلوبنا . فإن التوحيد الخاطئ بين ذاتنا و الجسد يبطل .
7- يمكننا أن نرى من خلال حياتنا , إنه كثيراً ما نفترض صفات الاتمان على الذي ليس هو بالاتمان . يجب أن نتنبّه لنتفادى الخطأ .
8- عندما تنسب الحقيقة و الوجود إلى الأشياء في العالم الموضوعي , عليك أن تذكر أنك تكون آنذاك كائناً متجسداً أو بمعنى آخر تكون آنذاك موحداً بين الذات و بين الجسد .
9- تذكر دائماً أن التغييرات و التبدلات كالولادة و النمو و الشيخوخة و الهلاك هي كلها من صفات المادة التي هي غرض للوعي .
10- يجب أن يكون واضحاً أن الوعي يختلف عن غرضه و أنه يبقى ثابتاً لا يتبدل في حين أن الأغراض تتغير .
11- الوعي هو نور الاتمان بينما الأغراض ترتبط بوجود الجسد . و عندما تنفصم علاقتنا بالجسد فإن ارتباطنا بالأشياء الخارجية ينفصم أيضاً .
12- في الحقيقة لا يمكن أن يقوم ثمة اتصال أو علاقة بين الاتمان و بين الجسد . كيف يمكن أن تقوم أية علاقة بين أشياء تختلف تماماً طبيعة و تكويناً ؟
13- الاتمان هو الحقيقة الأحدية الوحيدة و الجسم هو بالتأكيد غير حقيقي . ينجم من هذا الواقع أنه صعب أن تكون هنالك علاقة بينهما .
14- واضح إذن أن علاقتهما هي من وحي الخيال أنها تزول عندما نتعرف على الحقيقة و نحافظ عليها حية فينا .
15- إن رغبتنا في البقاء أي في عدم الموت جذورها في الاتمان الذي هو خالد لا يموت .
16- إذا ما ارتبطت هذه الرغبة فيما هو غرضي و توحدت فيه فإنها تكون افتراضاً و تلبساً بصفات الاتمان : فكيف يمكن للأغراض التي هي بطبيعتها محدودة زمنياً أن نجعلها تتعدى الزمن ؟
17- الاتمان هو السعادة ذاتها . لذلك توجد رغبة في السعادة في كل كائن : و عندما نفترض أن السعادة تأتي من الأشياء , فإن ذلك افتراض لميزة الاتمان على الذي ليس باتمان .
18- الرغبة في الحرية أيضا جذورها في الاتمان و الذي هو الوجود غير المشروط الوحيد .
19- الانجذاب , النفور , الخوف , الحزن , القلق , الشعور بالارتباط , الكذب , الكسل , السلبية و ما شاكل تنجم عن علاقتنا بالجسد .
20- الثبات , الحب , السعادة , السلام , الشجاعة , الشعور بالحرية , الصدق , الشعور بالوجود , التيقظ , المعرفة , كل هذا يتعلق بعالم الاتمان .
21- كل ما يضغط على الشخصية يجب أن يفهم على أن أساسه رغبات جسدية .
22- إن كل ما يساعد الفرد على تخطي حدود الجسد يجب أن ينظر إليه على أنه ينساب من الاتمان . فمن واجبنا أن نحسن التفريق بين المواصفات بهذه الطريقة , لكي نستطيع أن نحدد كل شيء و نضعه في إطاره . إن كل شيء يضخم و يؤكد الشخصية يجب أن نفهم أن مصدره هو في علاقة الجسد . إن الذي يساعدنا على تعدي حدود الجسد يجب أن نرى أنه منبثق من الاتمان فالأوصاف يجب أن نميزها بهذه الطريقة و أن نرى كلاً منها في حقله الخاص .
23- إذا فعلنا ذلك هنا و منذ الساعة فإن ذلك يقفل الباب أو يضع حداً في افتراض صفات الاتمان على الذي ليس باتمان .
24- إذا أبطلنا إمكانية الافتراض بهذه الصورة فإننا نعود إلى حالتنا الطبيعية التي تحقق من فيها أن العالم الفرضي بأسره ليس أيضاً إلا وعي .
25- إن هذه الحقيقة الأخيرة يمكن تحقيقها أيضا بتحليل دقيق للعالم الفرضي ذاته .
26- أغراض الوعي لا يمكن أبداً فصلها عن الوعي ذاته , فإنه ليس لها أي وجود مستقل و هي إذن ليست شيئاً إلا وعي .
27- الاقتراب إلى الحقيقة بهذه الطريقة يزيل التوحيد الخاطئ بين الوعي و الجسد و يبطل الأوهام , فيجد الإنسان نفسه آنذاك مستقراً في الاتمان : الحقيقة الوحيدة و الفريدة .
الحقيقة كما هي
1- إن الكلمات التي لا تتغير أو تتبدل أو ليس لها شكل حتى بمضمونها السلبي لا يمكنها أن تظهر الحقيقة كما هي .
2- إن القول بأن الإنسان ليس حيواناً هو بدون شك قول صحيح لكن هل هذا يوضح أياً من خواصه الحقيقية ؟
3- من المستحيل أن تظهر الحقيقة كما هي . و الألفاظ , مهما كانت دقيقة التعبير , تبقى عاجزة عن إظهار الحقيقة . فالكلمات ليست سوى إشارات و دلالات .
4- فإذا تأملنا بالذي تعنيه الكلمات حرفياً , و أخذنا الحقيقة من خلال معنى التعبير فإن اختبارنا للحقيقة يكون مساوياً لعجز التعبير عن احتواء روحية المعنى .
5- أما إذا اتخذت الكلمات كعون للارتفاع فوق جميع الأفكار فإن هذا النهج يكون سليماً تماماً.
6- و عندما نتصور الحقيقة فيما يتعدى جميع الأفكار و نتوجه بتأملنا وفق ذلك فإن الكلمات يمكنها أن تساعدنا و تقودنا إلى مستوى تنعدم فيه جميع الأفكار ... عندئذ نختبر الحقيقة .
7- قد ينشأ شك حول إمكانية التأمل بشيء فيما يتعدى جميع الأفكار . هذا ممكن و الصعوبة في ذلك تأتي من الظاهر فقط .
8- صحيح أنه باستطاعتنا التأمل في الأشياء المحسوسة فقط , و أن ما يدرك هذه الأشياء هي الأنا و الأنا لا يمكنها أبداً أن تكون غرضاً للإدراك .
9- و بما أن الأنا ليست غرضاً للإدراك فإن التامل المباشر للأنا هو غير ممكن بمعنى غير مطروح على بساط البحث , أو غير وارد في البحث على أنه حيث هذه الأنا نختبرها ككينونتنا الخاصة فمن الممكن أن نشاهدها بشكل غير مباشر .
10- هل يمكن التأمل فيها على أنها ما يتبقى بعد إزالة كل ما هو موضوعي من الأنا الظاهرة ؟
11- هذه الفكرة التأملية نفسها تصل آلياً في النهاية إلى نقطة توقف و في سكون التوقف تشع طبيعة الفرد الحقيقية .
12- يمكن التأمل فيما يتعدى الأفكار تأملاً غير مباشر و بطرق اخرى ايضاً .
13- تذكر دائماً و أبداً أن الكلمات كالوعي و المعرفة و الكيان و السعادة كلها مدلولات تدل على الأنا .
14- تمسك بفكرة ما لكي تطرد بها الأفكار الأخرى ثم اجعل هذه الفكرة ترشدك إلى كيانك الحقيقي .
15- فكّر بكينونتك بوصفها الحقيقة المطلقة . فجميع الأفكار تغطس و تزول و الفكرة التي استمسكت بها تتعرى من شكلها و تذوب في حقيقة هذه الكينونة .
16- و كما أننا نستعمل كلمة المعرفة للتعبير عن كلمة العرفان فإننا نستخدم تماماً كلمة السعادة للتعبير عن وظيفة التمتع .
17- إنه من ضمن اختبار الجميع أن المعرفة و السعادة تشرقان عندما تبصر الوظائف المقابلة للعرفان و للتمتع .
18- و هكذا فإن المعرفة و السعادة هما ذات الفرد أي كينونتنا . فإذا كان لنا هذا اليقين و توجهت الفكرة إلى المعرفة فإن هذه الفكرة تخلع شكلها و تغطس و تزول .
19- و الغاطس في النوم العميق لا يغطس أبداً في هذا النوم بل يغطس في كينونته الخاصة . فجميع عقد القلب تنحل فوراً بهذه الطريقة .
الاختبار أو التجربة
1- في اختبارنا الذاتي إذا سميناه بهذه الدقة , لا يوجد فكر و لا غرض خارجي , هذه هي الحالة التي يدخل فيها الفرد مع ذاته الجوهرية .
2- إن الأشياء المحسوسة المعتقد بأنها سبب الاختبار تجذب إليها الجاهل .
3- إذا أمعنا في الأمر نرى أنه لا يوجد شيء يدعى سبباً و نتيجة ... حتى و لو سلمنا بوجود سبب و نتيجة فالنتيجة لا توجد مستقلة عن السبب , كما أن العلة لا يمكنها أن تكون موجودة بلا المعلول ... و من المسلم به أن السبب موجود في المسبب .
4- فما من مسبب يتجلى في اختبارنا الذاتي .. و عن ذلك ينجم أنه لا يوجد سبب في الاختبار .
5- إذا كانت هذه هي الحال فلم التفتيش عن الأشياء إذن ؟ فكل ما هو مطلوب منا هو الاندماج في التجربة .
6- إن التأمل الدائم و المستمر بطبيعة هذا الاختبار يوصلنا إلى الغطوس فيه .
7- و إن تفكيرنا العميق بأن الفرد ليس الفاعل و المتمتع يقودنا إلى النتيجة نفسها .
8- الطريق الأفضل هو أن يدرك الفرد أن الفكر بحد ذاته لا وجود له في الحقيقة أو أنه لا شيء سوى الوعي .
الشاهد على الأفكار
1- التحليل الصحيح يظهر أن الفكر بانتحاله شكل الشيء يؤخذ على أنه ادراك أو معرفة أو تنوير لهذا الشيء .
2- إن من يدرك حقيقة تبدلات الفكرة هو الاتمان , ذلك الجوهر الذي لا يتبدل أو يتغير .
3- و بقليل من التفكير يظهر أنه هو العنصر الذي نعنيه بكلمة أنا .
4- و في الوقوف عند ذلك يتبدد الخداع فحينئذ لا يرى الكائن أي شيء آخر حيث لا يوجد جسد أو عقل أو عالم أو أعضاء حواس .
5- ما من شيء جاء إلى الوجود و ما من فكرة موجودة و ما من شيء وجد قبلاً أو هو موجود الآن .
الوجود الحقيقي هو ذلك الوعي الذي يتمتع بذاته على الدوام .
الكون و الوعي
1- إن الماء في اتصاله بالزمان و المكان , اللذين هما متميزان و مختلفان تماماً عنه يستطيع أن يحدث موجة . لكن لا يوجد إمكانية لإحداث كون بهذه الطريقة .
2- ما من شيء موجود مستقل عن الوعي , فكيف يمكن إذن لشيء مستقل و مختلف أن يتصل بالوعي لكي يحدث كوناً ؟
3- الماء إذا ترك لذاته لا يمكن أبداً أن يحدث موجة ( بدون زمان و مكان ) و كذلك الوعي بحد ذاته لا يستطيع أبداً أن يُحدث كوناً .
4- إذن فالكون هو غير موجود لم يوجد أبداً في السابق و لن يوجد فيما بعد .
5- فالذي هو موجود حقيقة هو الوعي وحده و الوعي هو السعادة ذاتها و الاتمان الذي تعنيه بكلمة أنا هو أيضا هذا الوعي .
ما من شيء يتغير
1- من الواضح أن ما من شيء يمكن أن يتغير و يتحول إلى شيء آخر بدون زوال الجوهر الذي يتكون منه هذا الشيء .
2- إذا اضمحل أو زاد جوهر الشيء فهل يستطيع أن يظل قائماً فيما بعد ؟فإذا لم يستطع فكيف يمكننا القول أنه تحول إلى شيء آخر ؟ ( حيث أن هويته قد فقدت , و أن ما من شيء يصله بالشيء الجديد ) .
3- و هكذا لا يمكن أبداً للتغيير و التبديل أن يلحقا شيئاً و انطلاقاً من هذه الحقيقة لا توجد ولادة أو موت إذ أن كلاً منهما تبدل و تغير
4- إن الإنسان الذي يفتش في طبيعة الأشياء بهذه الطريقة الدقيقة و يكتشف هذه الحقيقة و يقيم بها , هو الروح العظيم الذي توصل إلى غرضه و عرف الشيء الفريد المتوجب عليه معرفته و أضحى مطمئناً إلى الأبد .
جناني : العارف
1- إن هذا الوعي , الذي يظل قائماً بعد نزع كل شيء غرضي مني هو ذاتي .
2- ليس لي جسدٌ و لا طاقة حية ( برانا ) و لا مدركات حسية و لا أفكار أنا فيما يتعدى الجذب و النفور , اللذة و الألم , الخوف و الوهم .
3- أنا وعي محض . عندما أتحقق أن كل غرض , حيثما وجد يدل إلي و يؤكد وجودي إذ ذات أتمتع بذاتي بكل مكان و بكل شيء .
الأنا الحقيقية
1- في حالة النوم العميق و عندما تتم إحدى الرغبات , أنا وحدي أسطع كالسلام الذي لا يكدره نكدر أو كالسعادة الكلية . أنا هو العنصر الصميمي الذي هو سات – شيت – أنندا ذاته . أنا هو الذي يتعدى الكل .
2- تماماً قبل كل فكرة و بعد كل فكرة و قبل كل عاطفة , و بعد كل عاطفة , أسطع في مجدي الخاص من ذاتي . بي الأفكار و العواطف , ترتفع ثم ترقد و تزول أنا الشاهد عليها الذي لا يتغير و لا يتبدل .
3- أنا هو نور الوعي بمجموع الأفكار و المدركات الحسية . أنا هو نور الحب في جميع العواطف لا أولد و لا أموت و لا يلحقني شقاء و لا هم . أتعدى القيود و التحرر في آن واحد .
4- إن العالم الذي يرتفع و ينمو في الفكر و بواسطته , هو أيضاً فكرة بحد ذاته . و الفكر ليس شيئاً إلا وعي , و الوعي هو كياني . إذن العالم بأسره وعي و الذي هو ذاتي . أنا كامل و غير قابل للتجزئة .
5- ليس بي خاصية و لا تعلق و لا أنانية . أنا أزلي , غير صانع , كلي طهارة قائم بذاتي و منير بذاتي . لا صفة لي . لا أتغير و لا أتبدل و غير مقيد بشيء . أنا مسكن الحب الذي لا دنس فيه . الواحد بدون الثاني و الذي هو مطمئن إلى الأبد .
الأفكار و الأغراض
1- إن سبب جميع القيود هي نسبة الوجود إلى أشياء ترتفع في الفكر .
2- الشكل يمكن أن يوجد فقط كغرض للإبصار . و لا يمكن مطلقاً أن يكون مستقلاً عنها . هذه القاعدة تنطبق على جميع أغراض الحواس .
3- الأغراض ليس لها علاقة أحدها بالآخر . إن علاقتها تقوم على الدوام مع الفكر وحده .
4- إن الغرض لا يمكنه أن يوجد أبداً و لو لبرهة , إلا إذا عرفه الفكر و عندما يتبدل الفكر و يتغير فالغرض أيضاً يتبدل و يتغير .
5- الغرض و الفكر لا ينفصلان أحدهما عن الآخر . فهما إذن واحد . الحقيقة هو أن ذاك الشيء الوحيد الفريد قد أبقي مجزأ بواسطة الكلمات .
6- إذن فالاعتقاد ذاته بأن الشيء يرتفع في الفكر هو محض خداع . لا يوجد إلا الفكر وحده , و إن محتوى الفكر هو وعي .
7- إذا أبقينا هذه الحقيقة حية فينا , فإن الفكر لا يلبث أن يضمحل و الوعي وحده يسيطر إذ ذاك يحدث التحرر من جميع القيود .
وجهان للوعي
1- سافيت ( الوعي ) له وجهان : المشروط و غير المشروط . الأول هو الذي ينير أغراض الوعي أما الثاني فهو محض وعي .
2- إن أغراض الحواس كالصوت و اللمس و الشم ... الخ هي محض صور فكرية . إذا دققنا في كلامنا سنعرف أن الأفكار هي أغراض للوعي .
3- إن الذي لا يستطيع بواسطة التحليل الدقيق و التمييز أن يتوصل إلى الوجه غير المشروط للوعي يبقى مقيماً في الوجه المشروط . إنه سيتوصل إلى اللامشروط مع مرّ الزمن إذا لم يظل قانعاً بالمشروط .
4- إذا تأملنا بدقة فإننا نستطيع أن نرى كل فكرة ترتفع و ترقد في الوعي المحض وحده .
5- إن كل ما ليس هو وعي هو صور فكرية . الوعي المحض لا يستطيع أبداً أن يكون شاهداً عليها .
6- لا حجة في القول إن الذاكرة – و هي ذاتها صور فكرية – تقوم بدون تبدل و لا تغيير تراقب جميع الأفكار في تتابعها .
7- إن الاختبار العادي يدلنا أنه عندما يكون الفكر هناك ... تكون أفكار أخرى .. فإن الذاكرة لا تكون مع هذه الأفكار . فكيف يمكن للذاكرة إذن أن تدعو الأفكار السابقة ؟
8- إذا كانت الذاكرة لا تستطيع أن تفعل هذا فإنها ليست بذاكرة على الإطلاق و الذاكرة هي إذن مدلول بلا معنى .
9- لا نستطيع حسب الأفضلية إلا أن نعلن بأن الذاكرة هي التي على الدوام تدعو الأفكار السابقة .
10- إذا كانت الذاكرة غير موجودة فإنه ينجم عن ذلك أن الأفكار الأخرى هي ايضاً غير موجودة حيث أنه لا يوجد شاهد كلي يبرهن على وجودها .
11- ندرك إذن بوضوح أن الذي يظهر بأنه مشروط هو أيضاً وعي غير مشروط .
المبصِر و المبصَر
1- إذا نظرنا من خلال العضو الكثيف – العين – فإن الأشكال الكثيفة وحدها تظهر . إن العلاقة ذاتها هي قائمة بين سائر أعضاء الحواس الكثيفة و بين أغراضها .
2- إذا تركنا جانباً الأعضاء الحسية و تطلعنا من خلال العضو اللطيف المسمى بالفكر فإن الأشكال اللطيفة إذ ذاك تظهر .
3- و عندما ننظر من خلال الوعي المحض الذي لا صفة له فإننا نرى الوعي وحده و لا شيء سواه .
4- و الاختبار يبرهن أن العالم الغرضي يظهر دائماً و أبداً مع المقام الذي يتخذه الشخص المدرك .
5- إذن ليس هو العالم الغرضي الذي يضع العقبات في طريق التقدم الروحاني بل هو المقام الخاطئ الذي نكون قد اتخذناه .
6- إذا تخلصنا من ذلك فإن الإشراق الروحاني يتبع إذ ذاك . و لأجل التخلص من هذا المقام فإن الشجاعة و الانتباه المحدد و تقوية القلب هي ضرورية جداً .
7- إن التحليل الدقيق للعالم الغرضي يوصلنا إلى النتيجة ذاتها .
8- عندما نصل إلى الاستنتاج بأن هذا العالم الذي يبدو في مظهره جماداً , هو فكر محض , فإن ذلك لا يوفر حلاً للمشكلة بكاملها , و لأن ذلك لا يمكنه أن يجعلنا نطمئن الاطمئنان التام لأن العالم الفكري يظل قائماً .
9- إن التحليل لا يعطينا اطمئناناً لأننا قمنا به من مستوى العقل الذي بقي بدون تحليل .
10- و العقل بحد ذاته هو شيء مدرَك أليست هي ذاتنا ( الوعي ) التي هي المدرك الحقيقي ؟ لأجل تحليل الأفكار يجب أن نتخذ مقامنا في الوعي المدرك .
11- عندما نستوعب أن محتوى الفكر ليس شيئاً إلا وعي فإن الفكر يضمحل و الوعي وحده يبقى .
12- إن الوعي عندما نفترض خطأ أنه مقيد بحيّز الزمن يظهر و يتنزّل كفكر . في الحقيقة ليس هو مقيداً هكذا .
13- أليس الزمن بحد ذانه فكرة ؟ فكيف يمكننا إذن أن ننسب ارتفاع فكرة إلى تقيّد الوعي بالزمان ؟
14- إذن و بمعنى أدق لا يوجد فكر . يوجد فقط وعي , و فكرة الزمن هي محض افتراض سببه الخداع .
15- وحده الذي منذ البداية حتى النهاية يحافظ على موقف شاهد غير مبال و يدرس الأشياء بهدوء و بعينٍ ناقدة غير مترددة , يمكنه أن يصل إلى الحقيقة المطلقة .
16- في حال اليقظة يدرك الفرد أن أغراض الحلم لم تكن حقيقية .
17- إذا كان الإنسان المشاهد في الحلم غير حقيقي فعقله أيضاً ليس حقيقياً .
18- أفكاره , بصره , سمعه ... الخ كذلك ليست حقيقية .
19- كذلك فإن الإنسان صاحب الحلم و الذي هو أيضاً نتيجة حلم لا يمكنه إلا أن يكون غير حقيقي .
20- الجسد في حالة الحلم هو غيره في حالة اليقظة . عندما يكون الأول في حالة نشاط يكون الثاني مضطجعاً في حالة سلبية .
21- إن أفكار و إدراكات الفرد و هو في حالة حلم لا يمكنها أن تكون ادراكات و أفكار الفرد و هو في حالة يقظة .
22- إن أفكار و ادراكات الأول ليست حقيقية كونها نتيجة الحلم .
23- عندما يبرز السؤال : من كان صاحب الحلم ؟ الجواب الصحيح على ذلك هو أنه لا أحد كان يحلم , و أنه لا توجد هناك حالة حلم قط .
24- كذلك إذا دقق في عالم اليقظة سيتضح أنه غير موجود . عندها يستعيد الإنسان طبيعته الحقة و يقيم في الوعي الصافي باستمرار .
شري كريشنا مينون
تعريب كمال جنبلاط

ليست هناك تعليقات: