الأحد، أبريل 22، 2012

بين الحرية والقدر ..

" لا يخرج شيء من لا شيء "
                                                                               - هيراقليطس -

بعد إجراء العالم الفيزيائي ماكسويل أحد اختباراته  التي أجراها وقد سماها في حينها بالشياطين  الصغيرة  والتي عُرفت فيما بعد بشياطين ماكسويل .
وينصّ الإختبار  على وضع نوعين من الغاز في وعائين  بجانب بعضهما البعض ، هذا وقد فتح بينهما ممرا صغيرا يصل فيما بين الوعائين .
عمليا ...
يُفترض بأن نوعي الغاز سيمتزجان بنسب معينة  ..
لكن ما حدث كان العكس .
وكأن هناك شيطانا صغيرا يقف على الباب
ويمنع كل جزء له سرعة بطيئة أو متوسطة من أن ينتقل إلى الجهة المقابلة  .

                                                                                                         -  من كتاب فلسفة العقل المتخطي  -

هذا التفاعل الذي كان ينتظره ماكسويل  ، وما كان يلمّح إليه هو التفاعل بين الحرية والقدر ، الذي كان شاهدا على تحركات الجزئيات  المتمرّدة ،  والتي سمّيت بالشياطين .

في المعنى الشرقي يقولون الجن ، إنه جنون الطبيعة  في مصدر حركتها  التي تبقى خارج القواعد المرتقبة  .
سبحان الله ..
سبحان من جعل الحرية  في صميم كل الأشياء  ..
ربما عندما يتحقق المرء الوعي في ذاته  يجعله حرّا !
هل أن الوعي والحرية هما الشيء ذاته ..؟
نعرف أن الإنسان خاضع لسببية فكره
فمهما يدور حول الإنسان من مسالك العلل والأسباب  ..
فلا حرية ولا اختيار في إرادته ...
وهو خاضع لقدره .

يبقى أن هذا النور الجوهري الباطن  ، الذي كان يعتبره كمال جنبلاط بأنه " الخلفية لكل كينونة " في معرض رده على بعض الأسئلة .
عند ظهور هذا النور الباطني الذي يمكن أن يتحققه كل منا ولو لبرهة صغيرة ، في الخروج من قدرالسببية ونطاقها ، إلى مدار الحرية والسعادة ..
إنما بوجه عام
وفي مسار التطور البشري
سنجد هناك دائما اندماج وتناقض واستنارة وتفاعل دائم بين الحرية وبين القدر .
وما نفصده بالقدر هنا ليس كما يتهيأ للعامة  بشكل عام ...
إنما  بوعي حقيقة أن كل الأشياء والكائنات ، تُبطن بحدّ ذاتها العلل والأسباب في مسار تكوينها وصيرورتها وتطورها ..
وكل مسببات التطور الموجودة الباطنة منها والظاهرة  ...
كلها تبقى مُنارة بنور الوعي الذي يجذبها إليه  كما ينجذب الإنسان للجمال ، للحب ...

الوعي بحد ذاته لا يزيد ولا يتقص
بمعنى نه لا يُشرّق ولا يُغرّب وفق تعبير الحكيم شانكرا
إنما مضمون الوعي هو الذي يتغير وهو الذي يتبدل
وبهذا التغير
يندفع الإنسان في مسار تطوره وارتقائه .






ليست هناك تعليقات: