الخميس، مارس 27، 2014

تجلي الله ...

تقر العلوم القديمة والعلوم الدينية، أن طبيعة الله غير المحدودة تتضمن صفة الظهور وعدم الظهور في آن واحد، ويشبّه ذلك بالبذرة التي في طبيعتها أن تتحول إلى شجرة كلما وجدت الظروف المُأتية لذلك. إذا وضعنا بذرة في التراب وإذا أسقيناها شيء من الماء، سرعان ما تنبت وتتحول إلى شجرة، ومن ثم تعطي الثمر، وفي الثمر، لا بل في كل ثمرة، يوجد عدد من البذور التي بدورها، وبغرسها في التراب، تعطي أشجاراً كثيرة. إن البذور الجديدة تملك ذات الصفات والخصائص للبذرة الأولى. وكأننا نقول بأن هدف البذرة في إعطاء نسخة عنها بواسطة الشجرة. هكذا نرى الحلقة الطبيعية للحياة: من البذرة إلى الشجرة، ومن ثم تحقق الشجرة غايتها في إعطاء الثمر الذي فيه البذرة من جديد. إن طبيعة حياة الشجرة إذاً، هي من البذرة إلى البذرة، مروراً بكل مراحل نمو الشجرة.
كما هو الحال بين البذرة والشجرة وصولاً إلى البذرة من جديد، كذلك هو الحال بالنسبة لظهور الخليقة المادية. إن بذرة الكون هي الطاقة الإلهية غير المحدودة، تتكاثف هذه الطاقة وتتفاعل في الحقل الإلهي فيظهر الوجود، وهدف الوجود هو أن يصل إلى بذرته الجديدة التي هي ذاتها بذرته الأولى، أي أن يعود إلى الطاقة الإلهي غير الظاهرة، ومن ثم تهمد هذه الطاقة كي تنطلق من جديد.

إذا عدنا إلى البذرة والشجرة، نرى أن البذرة قد أعطت كل خصائصها ومقدرتها إلى الشجرة كي تستطيع الشجرة أن تعطي بذرة جديدة كاملة الأوصاف للبذرة الأولى. فيما لو كانت البذرة الأولى قد حجبت جزءً من صفاتها عن الشجرة، لما كان باستطاعة الشجرة أن تعطي البذرة الجديدة مماثلة تماماً للبذرة القديمة. وهكذا إن الطاقة الإلهية تنتشر في الوجود بكمالها، فهي معيار الكامل بالنسبة للوجود كله. وكما أن هدف البذرة الكاملة أن تعطي بذرة كاملة، كذلك إن هدف الطاقة الإلهية الكاملة أن تعطي طاقة إلهية كاملة في المادة. وتبعاً لهذا المبدأ يكون الله قد تجلى في الخليقة بشكله الكامل

من كتاب المعرفة من منظار الفيدا

ليست هناك تعليقات: