السبت، ديسمبر 04، 2010

كيف يستعمل الفرد إمكانيته الكاملة ..



رأينا في فصل "الحياة فردية وكونية" " بأن حدود الحياة الفردية ليست محددة بحدود الجسم، كما هي لست محددة بالعائلة أَو البيت؛ تمتد حدود الحياة الفردية أبعد بكثير وراء ذلك المجال إلى آفاق بلا حدود من الحياة الكونية."


وفي فصل "إمكانية الإنسان الكاملة"، رأينا بأن إمكانية الإنسان الكاملة تعني "بأن الإنسان يجب أن يكون قادراً على عيش الحالة الأسمى للحياة، وعلى الأقل حياة بدون معاناة، وفي أحسن الأحوال حياة الغبطة المطلقة في وعي الله."


نظراً لهذا، يعني فنَّ استعمال الإمكانية الكاملة للفرد بأن موجة الحياة الفردية لا يجب أَن تكون محصورة فقط في القيمة السطحية لبحر الكينونة المطلقة الأبدية، لكن يجب أن يُمدّد أيضاً إلى أعماق البحر غير المحدود للكينونة، لكي تكون كل القوى الكامنة متجلية، وتُصبح الحياة قويةً وجبّارة.


عندما تكون إمكانية الفرد الكاملة متجلية، تصبح كل مرحلة من مراحل الحياة تُكمل كل مرحلة أخرى، فتقويها وتجعل الحياة أكثر أهمية وممجدة أكثر ومفيدة أكثر، ونافعة أكثر على كُلّ المستويات للفرد وللآخرين. لن تكون الموجة الصغيرة على سطح البحر موجة قويَّة جداً، لكن الموجة ذاتها تصبح قوية عندما ترتبط بالمستويات الأعمق من الماءِ. لذا، إن فنّ تحسين وتقوية الموجة هو في أن يُمكّنها للاتصال مباشرة بمستويات أعمق من الماء.


إذا كان على الموجة أن ترتفع عالياً لإنجازٍ أكبر ولتكون أكثر قوة، يجب على عملها للارتفاع العالي أن يُكمل بسحب الكثير من الماءِ في القاعدة. عندما تكون الموجة قادرة على إكْمال فعلها للارتفاع العالي بسحب الماءِ الأكثر في قاعدتها، يمكنها أن ترتفع بأسلوب متكامل وقوي. أما، وما عدا ذلك، إذا أخفقت في سحب ماءِ أكثر في قاعدتها بينما ترتفع عالياً، فسوف تُصبح ضعيفة في القمة وبنسيم طفيف يمكن أن يحلّلها.


يستوجب فنُّ استعمال إمكانية الفرد الكاملة بأنه يجب على القيمة السطحيّة للحياة النسبية أن تُكمل بالقوة التي المتواجدة في عمق بحر الكينونة المطلقة. يعني ذلك بأنه يجب على الحياة النسبية أن تُكمل بالحالة المطلقة للحياة. إن فن استعمال إمكانية الفرد الكاملة هو فن تعميق جدول الحياة الفردية إلى أقصى حدّ ممكن بأَخْذ موجة الاختبار والوجود النسبي للحدود القصوى من الاختبار والوجود المطلق. يكمن فن استعمال إمكانية الفرد الكاملة بشكل أساسي في إكمال موجة الحياة الفردية بقوة بحر الكينونة.


إن فن الحياة هو القدرة على إكمال وتعزيز الحياة الفردية بقوة الكينونة المطلقة والكونية. باستطاعة كل فرد أن يتوصل لفهم العمق العظيم لكينونة المطلقة، وبذلك يُكمل ويعزّز الحياة الفردية بحياة الكينونة الكونية والأبديّة.


لكل موجة على سطح البحر الفرصة أن تعتنق ضمن نفسها كمية كبيرة من الماء في قاعدتها بالمقدار الذي تريده. يمكن للبحر أن يُسحب بالكامل في موجة وحيدة؛ من الممكن أن تسحب إليها موجة واحدة قوة البحر الكاملة وترتفع بالقوة اللانهائية.


وبالطريقة نفسها، لكل فرد فرصة متوفر ليكسب لنفسه قوّة الكينونة الأبديّة المطلقة غير المحدودة، وهكذا يكون قوي إلى أقصى حدّ ممكن.


عندما يكون هناك إمكانية للموجة كي تتمتع بقوّة غير محدود من البحر، ألا يعتبر ذلك بالنسبة له، خسارة فادحة في أن يقذفها النسيم بطريقة ضعيفة وعاجزة؟ عندما تكون الفرصة مفتوح لكل إنسان، كي يكسب سلطة غير محدودة وطاقة ووجود، وذكاء، وسلام، وسعادة، ألا يكون مضيعة للحياة في البَقاء في حالة محدودة وضعيفة وعاجزة؟


يتطلب فنّ استعمال إمكانية الفرد الكاملة بأن يكون للحياة ككل قاعدة صلبة لنفسها. لأنه وبدون القاعدة القوية، ستكون الحياة غير مستقرة مثل البناء بدون أساسات قوية. في الدرجة الأول، لا يمكن للبناء أن يُبنى بشكل صحيح ولن يكون ثابتاً ومتيناً. وهكذا، تكون الأساسات الصلبة للحياة المستلزم الأول لحياة شاملة وقوية جداً.


إن الحياة في مراحلها النسبية متغيّرة باستمرار. لا تترك المراحل المتغيّرة باستمرار للحياة أي منزلة مستقرّة من الحياة. لذا، لكي نكون قادرين على استعمال إمكانية الفرد الكاملة، ستكون الخطوة الأولى إدخال الاستقرار إلى المراحل المتغيّرة باستمرار للحياة النسبية.


يعود الاستقرار إلى المنزلة المطلقة. يُنسب الاستقرار إلى ذلك العامل من الحياة الذي لا يتغيّر أبداً، والذي لا يتغيّر أبداً في حقيقة الحياة، الحقيقة النهائية، الكينونة الأبديّة. عندئذ تكون الحياة مستقرة في حالتها المطلقة فقط. وعندما يُكتسب الاستقرار من قبل العقلِ ويتم المحافظة عليه خلال كل نشاطات العقل للاختبار والعمل، يكون الحقل الكامل للنشاط مُكمل بقوّة الكينونة المطلقة وغير المتغيرة. يشكّل ذلك المنبسط الأساسي لاستعمال إمكانية الفرد الكاملة؛ إنها يُعزّز ويَغني المراحل الدائمة التقلّب للوجود النسبي.


إذا كانت قاعدة الحياة ضعيفة، وإذا لم تكن الحياة مستندة على المنزلة الأبديّة والمستقرّة للكينونة المطلق، وفيما عدا كونها متغيّر باستمرار بطبيعتها، سوف تَبقى ضعيفة دائماً.


إن فنّ استعمال إمكانية الفرد الكاملة يشبه تماماً فنّ رمي السهم إلى الأمام، يبدأ الفرد بسحب السهم على القوس، وكلما يكون السهم مسحوباً، يكسب القوّةَ القصوى للانطلاق. ستكون الطلقة عديمة الفائدة إذا لم يسحب السهم أولاً.


يتطلب فنّ استعمال إمكانية الفرد الكاملة إعادة العقل إلى حقل الكينونة المطلقة قبل هو يتم إخراجه لمواجهة الناحية السطحية للحقول النسبية للحياة. لحسن الحظ، لقد تم تطوير فَنِّ الحياة هذا لجلب النتائج الأكثر فاعلية في الحياة وقد تم تمحور كل أمجاده في تقنية جلب العقل إلى حقل الكينونة بطريقة بسيطة وفعّالة.


يجب على المرحلة المتغيّرة باستمرار للوجود النسبي أن تبقى متغيّرة باستمرار دائماً. لا يمكن لهذه المرحلة المتغيّرة باستمرار أن تتحوّل إلى حالة غير متغيرة بتاتاً. هذه هي الحياة النسبية. ولكن الذاتي في الدخل، الإنسان الداخلي، يمكنه أن يكسب منزلة متزامنة في الكينونة الأبديّة المطلقة. بينما يحافظ العقل على منزلته في مراحل الحياة الظاهرية المتغيّرة باستمرار، فهو لا يفقد منزلته في الكينونة المطلقة، التي لا تتغير أبداً.


هكذا قد يُكمل المطلق غير المتغيّر مراحل الحياة الظاهرية المتغيّرة باستمرار، وهذان الاثنان، سوية، يجعلان الحياة كاملة.


هذا العامل المستقرّ والمطلق في الحياة، كينونة التجاوز، هو دائماً خارج حقل الخليقة والاختبار الظاهرية والمتغيّر باستمرار.


إن فنّ استعمال إمكانية الفرد الكاملة هي في تنسيق المطلق والنسبي، الذي يتم تحقيقه بسهولة من خلال النظام البسيط للتأمل التجاوزي.


للإنسان الجانبان، اليسار واليمين، ويتطلب فنّ الحياة الاستخدام لجانبي اليسار واليمين كلاهما من أجل الفائدة الكاملة. لو استخدم الفرج جانب اليسار فقط يبقى الجانب اليمين غير مستعملَ، قد يُصبح الجانب الأخير متصلباًَ سيكون جانب اليسارَ متوتّراً في العمل أكثر من اللازم. وسيكون الجانب الأيمن أيضاً، متوتّر أكثر من اللازم، كونه في حالة من الخمول. لذا، لكي نعيش كل قيم الحياة، من الضروري أن يكون كل اليسار واليمين عاملان سوية بالتنسيق الجيد، إنها يعملان سوية لنفس السبب.


إن المطلق والنسبي هما مرحلتي وجود الفرد. أن فنّ الحياة هو الذي يجلب هذان الاثنان معاً ما يُمكّننا أن نعيش بكل قيم الحياة. وفيما عدا ذلك، ومن ناحية واحدة، يبقى المطلق تجاوزياً، خارج حقل النشاطِ، وبعيداً عن الأنظار، وكما لو أن لا قيمة عملية له. ومن الناحية الأخرى، يترك حقل الحياة النسبية الذي سيكون مرهق، بسبب النشاط الدائم، فتبقى الحياة النسبية ضعيفة في الحقل المتغيّر باستمرار وغير المستقر.


لهذا السبب يجمع فنّ الحياة، المطلق غير الفاعل للطبيعة التجاوزية مع الحقل المتغيّر باستمرار للوجود النسبي ويربطهما سوية. لقد تم جمعهما على مستوى العقل، تماماً كما في حياةِ الشجرة، إن المنطقة المحيطة من الغذاءِ والمجال الخارجي للشجرة يجمعان بواسطة آلية الجذور، التي تسحب الغذاء من جانب واحد وتزودها إلى الجانب الآخر.


إن فنّ استعمال إمكانية الفرد الكاملة هي في أن نعيش حياة مكتملة بقوّة الكينونة المطلقة الأبدية غير المحدودة. من السّهل تعلّم هذا الفنّ لأنه، وكما رأينا في فصل "التأمّل التجاوزي" عندما يُقدم العقل على اختبار الحالات المرهفة للفكر ويختبر الكينونة التجاوزية، تكون القوة الكامنة والكاملة للعقل متجلّية، ويبدأ الفرد بالاستعمال إمكانيته العقلية الكاملة بشكل طبيعي في نشاطاته اليومية. بهذه العملية يبدأ الفرد أيضاً بالاستفادة التامة من إمكانيته في حقول الحواس والجسم وبيئة محيطة. سوف نعالج هذه الأوجه بالتفصيل في العنوان التالي.


هكذا نجد أنه من السّهل تعلّم فنِّ استعمال إمكانية الفرد الكاملة. ومن السّهل أيضاً أن نعيش حياةً بالقيم الكاملة من القوّة والذكاء والإبداع والسلام والغبطة للكينونة المطلقة الأبدية من خلال الممارسة المنتظمة للنظام البسيط للتأمل التجاوزي.


( منقول )

ليست هناك تعليقات: