الأحد، فبراير 03، 2013

مشاهدة المستقبل ...


إن التحكم بحرارة الجسم أمر بحد ذاته قد لا يثير إهتمامنا بدرجة كبيرة. لكنه من التمارين الروحية التمهيدية المهمة التي تساعدنا في التركيز على مشاهدات الماضي والمستقبل. ففي الفصل الثاني من هذا كتاب ميتشو كوشي وقد تم شرح هذه الطريقة الواعية "التأمل" في إظهار حقيقة الرؤية الداخلية والرؤية الخارجية وأحاسيسنا بهذا العالم اللامحدود ببعده الشاسع.
أما الآن، سنتعلم سوياً هذه الطريقة الواعية في العودة والتقدم بهذا العالم اللامحدود ببعده الزمني. فمع العودة الى ماضينا، سنتمكن من رؤية طفولتنا وحياتنا السابقة. ومع ظهور المستقبل لنا، سيمكننا رؤية ما هو أبعد من حياتنا الحاضرة هذه. إذ أن هذه الممارسات "التأملية" ستساعدنا على تطوير قدراتنا الفردية في الكشف عن حياتنا السابقة واللاحقة.

إن اللانهاية تحيط بعالمنا الفيزيائي هذا من كل جوانبه، لكن إهتماماتنا الإنسانية عموماً محصورة في هذه النقطة المتناهية في الصغر المتعلقة بأهمية المكان والزمان. في الواقع، أن الماضي، الحاضر والمستقبل موجودين في كل لحظة نعيشها بأكملها في حياتنا هذه.
إن وعينا لهذه السلسلة المتواصلة من الصور والمشاهدات هو أمر محدود ، لكنه كثيراً ما يعتمد على نوعية التبصر والإدراك الحسي الذي يتحلى به هذا الفرد.

فإذا كانت أحاسيسنا شفافة بما فيه الكفاية، سنستطيع مثلاً التحسس بأشكال الطاقة لهؤلاء الأشخاص الذين كانوا في غرفة ما بعد مغادرتها بوقت قليل. سيمكننا تمييز عدد الأشخاص وما كانوا بصدده من أشكال الطاقة التي بقيت ورائهم في الغرفة. فليس هناك شيء غامض أو مستغرب في هذه الظاهرة، لأنه آمر دنيوي ومحكوم بمفاعيل نظام هذا الكون وهذه الطبيعية.        
لقد تم تطوير ألة تصوير لإستجلاء نوعية الذبذبات بحساسية فائقة نستطيع من خلالها تصوير الأشكال الذبذبية أو الطاقة الإليكترومغناطيسية للأفراد الذين تمت مغادرتهم الغرفة منذ وقت قصير، لتظهرهم على فيلم بشكل أشباح.

إن الأرض والنظام الشمسي والمجرة بأكملها في حالة حركة دائمة. فبعد إثني عشرة ساعة سيكون موقع غرفتك بمكان آخر من هذا الفضاء أو هذا المستقبل, أي على مسافة ألاف الأميال من هذا الحاضر. كما أن كل ما نفكر به أو نفعله يبقى ورائنا بشكل ذبذبات، بينما نستمر نحن دائماً الى الأمام باتجاه المستقبل.

إن العقل هو بمثابة هوائي لجهازان طبيعيان.

1) الجهاز العصبي المستقل والذي هو "يانغ."
2) جهاز الأدراك أو الوعي، بما فيه الطبقة الخارجية للعقل والذي هو "ين."

مع هاتان الميزتان لهذا الجهاز اللاقط، نستطيع إلتقاط الماضي والمستقبل الموجودان على مسافة ملايين الأميال من حاضرنا. ولكن مع تطور وعينا بشكل شفاف ومرن، سنرى صورة الحياة بشكلها الأنقى والأوسع.


إن العقل هو بالتأكيد أكثر شفافية من كل محطات الإرسال والتلفزة. فالذاكرة هي كناية عن إلتقاط العقل لذبذبات ولى زمنها ومكانها. وكل ما تمتعنا بصحة سليمة وصحية كلما وضحت الصورة لدينا لمجريات الماضي وتوقعات المستقبل، فتتكون الصور في ذهننا بقوة طاردة لولبية من المركز. فالأحداث الآنية ستتبدد مع الوقت لكي تصبح في البدء موجةً طويلة، ثم موجةً قصيرة, لتتسارع بإستمرار وتنحل لتسير بحركة وسرعة لانهائية لتصبح آخيراً اللانهاية نفسها.            

يمكننا القول أن المستقبل يتجه نحونا أو نحن من يقترب منه. لهذا نتفق على أن أي من هذين الوصفين هو صحيح. فمع وحدة اللانهاية، تتكون صور المستقبل من النسيج الذي تشكله أحداث الماضي، علماً أن الماضي والمستقبل هما في مكان وزمان متناقضين ومتباعدين. ولكن كل هذا يحدث باسم النظام الكوني الذي ينسجم ويتناغم مع حركة "الين" و "اليانغ" اللذان يشكلان هذه القوة الكونية المطلقة لوحدة اللانهاية.

فالماضي موجود في عالم الروح أو الذبذبات بكل سلبياته وإيجابياته، أي أننا سنكون بعيدين ألاف الأميال عن ذلك الماضي لكننا سنكون موجودين وفاعلين بشكلنا الروحي والواعي. فمع كل خطوة نخطيها في سياق الزمان والمكان سنترك صورتنا الحالية ورائنا ونسير قدماً باتجاه المستقبل لتكتشف ما نسميه ونعرفه بالحاضر الجديد. فالماضي والمستقبل مرتبطان بشكل أساسي وحيوي مع الحاضر. لهذا نقول أن الحاضر هو أهم لحظة في حياتنا لأننا من خلاله سنتمكن من فهم الماضي ورؤية المستقبل الذي يتجه نحونا، هذا إذا كنا نتمتع بما فيه الكفاية من وضع صحي وسليم.

فمع وجود هذا المستقبل الدائم في حياتنا, يمكننا تغييره أو تحويله بتغيير أو تحويل ما في أنفسنا من نوايا، أفكار، وأعمال لانها ستجذب إليها حكماً ظروفاً وأنواعاً معينة من التجارب والخبرات المستقبلية التي كنا قد توخيناها لأنفسنا في خضم لحظات حاضرنا.

إن تصنيف الماضي هو "يانغ" كما أن تصنيف المستقبل هو "ين." لهذا, عند الولادة أول ما نقوم به جميعاً هو الزفير الذي هو أكثر "يانغ." أما عند الوفاة أو الإنتقال آخر ما نقوم به جميعاً هو الشهيق بعمق لبضع مرات متتالية والذي هو أكثر "ين" قبل أن أن ينفصل الجسد الذبذبي أو الجسد الواعي عن ذاته الفيزيائي.




مشاهدة الماضي: 

مباشرةً بعد الولادة يبدأ وعينا للحياة السابقة بالتلاشي والزوال, خصوصاً بعد الإلتئام الكلي للبقعة الطرية الموجودة في أعلى جمجة الرأس عند كل حديثي الولادة أو الأطفال. فللعقل ذاكرة يمكن تحفيزها بتناولنا السليم للأغذية الطبيعية والصحية والنشاط المستديم. أما للوعي صور ورؤية يمكن تحفيزه بالتأمل المعمق والتنفس السليم. لهذا نقول أن مقدرتكم على تصور ورؤية الماضي يعتمد بشكل كبير على وضعكم السليم والصحي. فإذا كنتم مثلاً من أكلي السكاكر أو اللحوم أو المشتقات الحيوانية فسوف تشهدون وتختبرون الكثير من الأوهام والأحلام.

أغلق جفونك واجلس في الوضعية التأملية الإعتيادية واطلق العنان لذاكرتك بالرجوع التدريجي الى فترة طفولتك، ثم الى فترة وجودك في رحم أمك، الى أن تذوب هويتك الحالية.
إجعل تنفسك الآن أكثر "يانغ" أي أكثره زفيراً نابعاً من مركز الشكرة الثانية من الأسفل أو "الهارا" إلا أن يصبح جسدك أكثر دفئاً.
أطلق العنان لمخيلتك الآن لفترة خمس دقائق بدون أي نية للتدخل أو التغيير في أية صورة أو لون أو رؤية قد تنكشف لك. ثم عد الى رحم أمك كبويضة ملقحة، جنين،  طفل يلعب ويكبر الى أن تعود بالكامل الى حاضرك هذا وباشر في فتح جفونك بالكامل. فمع ممارستك الدائمة لهذا النوع من التأمل، ستتطور مقدراتك بشكل سيادي وواثق.


مشاهدة المستقبل:

للعبور الى المستقبل نحتاج الى جعل أنفسنا أكثر "ين." فعندما نفارق الحياة الفيزيائية مثلاً, يخرج جسدنا الذبذبي أو الروحي من مؤخرة الرأس أو أعلى الرقبة تحديداً ليطوف الى الأعلى في هذا المجال الذبذبي لعالم الأرض قبل أن ينتقل ويعود الى عالم اللانهاية.        

لهذا, أغلق جفونك واجلس في الوضعية التأملية الإعتيادية واجعل تنفسك أكثر "ين" أي أكثره شهيقاً بالإتجاه العلوي للرأس. ستنخفض حرارة جسدك ويصبح بارداً بعض الشيء. تخيل جسدك الذبذبي أو الواعي وهو ينفصل عن جسدك الفيزيائي, مسلماً ذاتك بالكامل لأي رؤية أو صورة قد تتطور من خلالك بثقة وحرية وطمأنينة. من الممكن أن ترى شىء يشبه الضباب، نورٌ أو ألوان ساطعة. حافظ على تنفس عميق وهاديء, بعد عدة دقائق من هذه الوضعية في التأمل سترى جسدك جاسماً تحتك، عد الى الحاضر وادخل الى جسدك بهدوء، ثم قم بفتح جفنيك ثانيةً.
يمكنكم التنفس الأن بطريقة أكثرها زفيراً مع ترديد الصوت "أو" لرفع حرارة الجسم مجدداً. أو يمكنكم التصفيق بشكل بطيء ومتقطع في بداية الآمر،  ثم بوتيرة أسرع ومتتالية الى أن تصلوا للوضعية السابقة التي كنتم عليها قبل دخولكم في هذه التجربة الخاصة والفريدة من نوعها.

ليست هناك تعليقات: