الخميس، نوفمبر 18، 2010

القوانين الطبيعية - عدالة لا تخيب








يفتخر الإنسان أنه حيوان منطقي لكن يبدو أنه يزداد غرقًا في مستنقع المشاكل المستعصية عند تطبيق منطقه على فتح مغاليق اسرار الطبيعة لنفعه

.محركات الاحتراق الداخلي ينقلنا حيث نشاء بسرعة أكبر لكنها تزيد من تلوث الهواء وتمثل اعتماد خطر على البترول بينما استخدام الطاقة الذرية يمدنا بالطاقة الرخيصة لكنه يقود إلى اسلحة الدمار الشامل وكارثة شيرنوبل وتراكم النفايات الاشعاعية الخطرة. تنتج المنشآت الزراعية الكبيرة منوعات كبيرة وكميات وفيرة من الطعام في الاسواق التجارية لكنها تؤدي إلى افلاس المزارع العائلية وتلوث المياه وخسارة التربة وعدد كبير من المشاكل الاخرى.من الواضح اننا نفتقد إلى شيء ما في مساعينا لإستغلال القوانين الطبيعية لأغراضنا. ما هو ذاك الشيء؟ نجد في المَنْتْرَ
الاولى من إ ُ شوپَني َ شدْ وهو أبرز كتب الحكمة الهندية:"الله هو المالك لهذه الخليقة وحاكمها. لذلك، يتعين على الإنسان القناعة بنصيبه دون قبول اشياء اخرى لعلمه الجيد بمالكها".نشهد عمل هذا المبدأ في الطبيعة. ترتيب الطبيعة من تدبير الله، يحفظ الطيور والحيوانات: يأكل الفيل رزقه المقدربخمسين كيلوغرام يوميًا والنملة بضعة حبوب طعام. ان توازن الطبيعة يحفظ جميع المخلوقات دون تدخل الإنسان.سيخبرك مطلق مختص بالزراعة عن قدرة الارض على انتاج كميات كافية من الطعام لإطعام عشرة أضعاف عدد البشر الحالي لكن السياسة والحروب والتوزيع غير العادل للأراضي وانتاج المحاصيل التي تدر ارباحًا سريعة مثل التبغ والشاي والقهوة بدلا من الطعام بالإضافة إلى تآكل التربة الناتج عن سوء الاستعمال يعني جوع الملايين حتى في البلدان الثرية مثل الولايات المتحدة.يجب علينا فهم قوانين الطبيعة من منظور الرب العظيم الذي يرى جميع أهل الارض في البر والبحر والهواء ابناءه وبناته. ومع ذلك، الإنسان أكثر مخلوقات الله تطورًا يعامل هؤلاء الابناء والبنات بقسوة بالغة ابتداء بذبح الحيوانات إلى إزالة غابات الأمطار فهل نستغرب معاناتنا سلسلة لا تنتهي من المصائب الطبيعية والحروب والوباء والجدب وما شاكله؟ مصدر مشاكلنا هو رغبتنا بالتشبعة الحسية التي تتعدى على حقوق سائر الأحياء. هذه الحقوق هي حقوق الطفل بالصلة إلى الوالد. لكل طفل الحق بالمشاركة بثروة والده. لذا، عملية خلق أخوة جميع المخلوقات منوطة بفهم الأبوة العامة لله.كما شاهدنا، تعلن الأسفار الڤِدية أن الرب العظيم هو مالك مجمل الخليقة وملكها. لا تتحرك قشة دون اذنه. هو الكل الجامع فما هو موقعنا؟ لا معنى لله دون خدمه كما لا معنى للملك دون رعيته. هو المتمتع العظيم ونحن مقصودون للمشاركة بمتعته من خلال خدمته وليس بالاستقلال بالمتعة. هو القوي المستقل على الاطلاق. استقلالنا المحدود ليس سوى ظل استقلاله التام وحراجة وضعنا الحالي عائدة إلى استغلال استقلالنا الضئيل بالمتعة بمنأى عنه.جهلنا بطبيعتنا الحقيقية يدفعنا إلى استغلال استقلالنا . أول دروس الحكمة الڤِدية هو اننا أرواح مغايرة لأبداننا المادية،ذرات من الوعي تقطن داخل الأبدان المادية وتعمها بالحياة. البدن آلة تتيح للروح العمل وتجربة الاحاسيس والافكارداخل الطبيعة المادية لله كما أن السيارة آلة تتيح للسائق التنقل من مكان إلى آخر. سنفهم أننا مقصودين لخدمة الروح العظيم كما تخدم اليد أو القدم مجمل البدن عندما ندرك هويتنا الباقية بصفة هباء روحي من قدرته.لكن مشكلتنا اننا ننسى نأي هويتنا عن البدن المادي ونوحد ذاتنا به. من يولد في اميركا يعتبر نفسه اميركيًا واذا ولد في فرنسا فسيعتبر نفسه فرنسياً وهكذا دواليك كما اننا نوحد ذاتنا بعرق البدن المادي وجنسه وملته ورتبته الاجتماعية. لكن كل هذه التعيينات عائدة إلى البدن المادي ولا صلة لها بالروح. لذلك، تبّني هذه التعيينات بوصفها هويتنا الحقيقية يسبب نسيان الله وصلتنا به واعتبار الطبيعة المادية متاعنا.توضح الأسفار الڤِدية أن النشاط البشري الذي يخلو من الخدمة إلى الرب محكوم بقانون دقيق يدعى قانون العمل( َ كرْمَ). هذا هو القانون المعروف للعمل وثوابه وينطبق على كل ما نفعله في هذا العالم وما يعقبه من شقاء وسعادة. اذا سببت ألمًا لأحد فمن المحتم ثواب ذلك الألم عينه إلي وإذا سببت سعادة لأحد فسيثوب ذلك الشعور إلي. تسبب أعمالنا في هذا العالم سعادة وشقاء في كل لحظة وثانية في حين أن خلق اسبابها يحتم وجود البقاء أكثر من عمر واحد وهوالمعروف بالتناسخ.فكرة التناسخ المقبولة على نطاق واسع في الهند وسائر البلدان الشرقية، وجدت اتباعاً في الآونة الاخيرة في الغرب. استبعدت الكنيسة فلسفة التناسخ منذ قرون بعيدة وهذه قصة طويلة تعود إلى بداية الكنسية المسيحية ما بين سنة ٣٠٠و ٦٠٠ ميلادية. والتوسع في هذا الأمر ليس ضمن نطاق هذا الكتاب لكن انكار هذا المفهوم الهام أحدث فراغًا في نظرةالإنسان الغربي.لكن بدأ عدد كبير من المفكرين في الغرب بحمل فكرة التناسخ على محمل الجد في العقد السابق. للمثال، نشر الدكتورميشال سابوم الاستاذ السابق في المدرسة الطبية الجامعية كتابًا بعنوان ذكريات الموت. يكتب سابوم في تحقيق طبي١٩٨٢ ) يحتوي على تفاصيل دراساته التي تؤكد على تجارب خارج البدن عاشها مرضى الذبحة القلبية:"هل يمكن )للعقل الذي ينشق من الدماغ الطبيعي أن يكون الروح التي يستمر وجودها بعد الموت الطبيعي حسب ما تنادي به بعض المذاهب الدينية؟"ذكر الدكتور ايان ستيفنسون المختص بالأمراض العقلية في جامعة فيرجينيا، عدة احداث وتحقق من ذكريات عمر سابق في الأطفال في كتاب أصدره بعنوان عشرون حالة توحي بالتناسخ ( ١٩٦٦ ). كما تدل عدة دراسات اخرى تستخدم طرق مثل الايحاء أن فكرة التناسخ قد تكسب قبولا بين العلماء في الغرب.الأسفار ال ڤِدية تجعل تناسخ الروح ركيزة أساسية في تفسيرها للقضاء والقدر. والمنطق واضح عند اعتبار سؤال بسيط مثل التالي: لماذا يولد طفل في عائلة ثرية في الولايات المتحدة بينما يولد سواه في عائلة فلاحين جائعين في اثيوبيا؟ لا يجيب عن سؤال مثيل بسهولة سوى مفهوم العمل ( َ كرْمَ) والتناسخ اللذان يمثلان الجزاء على مدى عدة اعمار.كتاب القوانين الطبيعية: "عدالة ربانية" يستند إلى سلسلة من أحاديث رحمته الإلهية إى. سي. بْهَ ْ كتي ڤِدَنْ َ ت سْواميپْرَبْهوپادَ حول كتاب شْريّ إ ُ شوپَني َ شدْ جرت في مدينة لوس انجيلوس ربيع سنة ١٩٧٠ التي توضح كيفية عمل الكون كما يستند إلى ترجمة شْريۤمَدْ بْهاچََڤَتم وتعليق شْريۤلَ پْرَبْهوپادَ عليها. نقتبس الفصل الثلاثين بعنوان أوصاف الرب َ كپيلَ للعمل السيئ من الباب الثالث لهذا العمل الضخم . نطلع على مصير الروح الأثيمة التي تخرق القوانين الطبيعية لله وعقابها بقانون َ كرْمَ في هذا القسم.يقول شْريۤلَ پْرَبْهوپادَ في أحد احاديثه عن إ ُ شوپَني َ شدْ:" ستجازى بالمتعة المزعومة في عمرك المقبل إذا انجزت عملا صالحًا لكنك ستبقى في حياة المايأة المادية في دوامة التناسخ. وإذا اسأت فستجبر على معاناة ردة فعل المساءة وتبقى رهينة التناسخ أيضًا. لكن سيبطل ثواب العمل خيره وشره اذا عملت لصالح كْرِشْنَ فستعود إلى كْرِشْنَ عند الموت. هذا هو السبيل الوحيد لقطع عبودية العمل وهو السبيل الوحيد للمجتمع ككل لتخفيف الشقاوات المذكورة آنفًا.لا يوجد رفع للشقاء بالكلية ما دمنا في هذا العالم لأن هذا العالم المادي بحد ذاته هو موطن الشقاء حسب اقرار التعاليم الڤِدية. في نهاية الأمر، لا حول لنا في وسط تشكيل واسع من القوى الطبيعية. لذلك، الامل هو العلم بمشيئة سيد الطبيعة والعمل بها. على هذا النحو فقط، يمكننا التعالي عن القوانين الطبيعية والإفلات من دوامة التناسخ وتحقيق كمال الحياة: حب الله ومكانة في ملكوته.



( يتبع ) ....

ليست هناك تعليقات: