الثلاثاء، أكتوبر 19، 2010

ما رأيك ؟











كان أخوان يعيشان تحت سقف منزل واحد .





فترك البكر منهما المنزل الأبوي ، وراح يجوب العالم باحثا عمن يستطيع أن يعلمه طريقة صنع الخوارق والمعجزات ، لأنه يريد أن يصبح رجلا زاهدا





متنسكا ، والذي يقوم أحيانا بأعمال خارقة .





وبعد غياب طال اثنتي عشرة سنة …





عاد إلى مسقط راسه ، فخاطبه أخوه قائلا له : " هيا أخبرني .. ماذا استفدت أنت من غيابك عنا طيلة هذه المدة ! …"





فأجابه أخوه :" تعال معي لأريك ماذا استفدت "!...





ثم اصطحبه إلى نهر عريض يقع خارج البلدة . فاجتاز من ضفة إلى أخرى دون أن تبتل قدماه بالماء !..





فما كان من الأخ الأصغر إلا أن استأجر قاربا صغيرا وعبر النهر إلى الضفة الأخرى ، ثم نقد صاحب المركب روبية واحدة ، وقفز منه إلى حيث كان شقيقه الأكبر بانتظاره . فبادره بالقول :





" يا شقيقي العزيز ، لقد تحملت كل هذه المتاعب والمشقات طيلة اثنتي عشرة سنة من أجل الحصول على علم لا تساوي قيمته





قطعة نقود صغيرة " ! ..









لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان نعمة العقل والتفكير ، ولكن السؤال الكبير والمهم يبقى حول كيفية توجيه الفكر ولأي جزء من هذا الكون الفسيح .





نعم ، لأي اتجاه يفترض بنا نحن البشر أن نوجه الإهتمام ؟





غني عن التعريف ما يمكن قوله عما نراه ونشاهده ونواكبه من تطور علمي وتكنولوجي وطبي وثقافي ومعرفي إلى ما هنالك من أمور تبقى محدودة بإطارها الزماني والمكاني ، ومع ذلك ثمة الكثير ممن يدقق ويتفحص كل ما يحتويه عالمنا هذا وبحدود طاقات إدراكه وإمكانياته الهائلة .





فعلا ، إنه لإنجاز ضخم وكبير على مستوى الإنسانية جمعاء . ولكن وبكل أسف نراه يسير في اتجاه واحد انطلاقا من نفسه وباتجاه ما يحيط به وفق حدود إدراكه . ولكن بالمقابل ثمة من يتساءل عن ماهية أو مصدر تلك الطاقة الكامنة خلف حدود العقل والتي تعتبر هيولى عملية التفكير ..





العديد من الأبحاث الفسيولوجية والطبية وأصحاب الإختصاص وفي تحليلاتهم الأكثر تعقيدا حول طبيعة المادة التي نوجد داخل جسم الإنسان مثا الهيموغلوبين على سبيل المثال أو بروتينات الأنسجة وأخلاط الجسم وعملية التخمرات التي تتفاعل داخل جسم هذا الكائن المجهول الذي هو الإنسان ، فقد غاصوا في غمار هذه الإمكانيات واعتمد الكثير منهم على التجارب والإختبارات أمثال ويلش وفريدريك ت.جيتس ونلكستر وألكسيس كاريل والتي اتصفت أعمالهم بالصبر وطول الأناة حول كل ما يتعلق بفزيولوجية الخلية وصولا إلى الميتافيزيقا ، توصلا إلى الحقائق الأساسية الذي يسير باتجاه أخر ومعاكس تماما وفق المعنى الذي تمت الإشارة إليه في بداية الحديث ، أي أن الفكر الإنساني توزع باتجاهين أحدهما لما يحيط به وثانيهما باتجاه داخل الذات التي هي قوام التعقل والتفكير .





وهنا يبدو جليا أننا لسنا في وارد التفاضل بين الإتجاهين ، فكلاهما يعتبر متمما للآخر من وجهة نظر جدلية التكوين . إلا أننا قصدنا تسليط الضوء على جانب خفي عن الكثير من عامة الناس الذين يحاولون جاهدين معرفة كل ما يحيط بهم من وجود وعن أنفسهم بالتالي هم غافلون !





فكما أن هناك اهتمامات باتباع تاريخ الحضارة العصرية في مجراها الحالي إلى الأسباب الكامنة وراء قوام أجسامهم ومشاعرهم والقوانين الطبيعية المتحكمة بها والتي تعتبر أكثر غموضا وإن كانت تتساوى مع قوانين الدنيا لاتصالها بأنسجتهم وعقولهم .





فجمال الحضارة ، وعظمة الدنيا ، سوف لن تلبث وأن تزول وتتلاشى إن لم يتم إدراك من يضمن استمرارية الحياة بكل كائناتها .





لذلك نتساءل : " هل هناك بارقة من الأمل بأن يتولى كل فرد بإعداد نفسه وعائلته وأقاربه والمحيطين به وكذلك رجالات المجتمعات كل وفق اختصاصه بالإهتمام ولو جزئيا بما هو عليه هذا الإنسان المجهول ؟!




ليست هناك تعليقات: