الأحد، أغسطس 04، 2013

كمال جنبلاط : إلى أين الهرب ؟!...

سئل كمال جنبلاط في أحدى مقابلاته التلفزيونية عمّا إذا كان قد توصّل إلى الحقيقة 
 فأجاب :

لا يمكن للإنسان أن يقول أنه قد توصل للحقيقة 
إذا أخذنا جوهر الأشياء التي هي خلفية النفس الإنسانية ، والكثافة المادية للكون .
أي أن هذه الحقيقة الأحادية ، فلا يمكن للإنسان أن يعرفها بشكل غرضي ،
إن هذا اللون من المعرفة كما يسمونه connaissance identit  ليس فيها مدرك ومدروك ، لا شخص ولا غرض ، وهي معرفة الجوهر للجوهر كما قال بعض المتصوفين " لا يعرف الله إلا بالله " . فهي لون كما يقول روجيه غوديل عن شري أتمانندا  أن هذه المعرفة هي محض اختبار ، وهي الإختبار الأخير الذي نحصل عليه . لأن اختبار ذاتنا لذاتنا ، لا أعرف كيف يُعبَّر عن هذه الأشياء ،
لأننا في هذا المقام نحن فيما يتعدى الكلمات ومفاهيم الأفكار اللطيفة .
هذا هو الشيء ذاته ، الذي كان يشير إليه سقراط في محاوراته . أي أن هذه الأحادية ، أحادية الوجود في الحقيقة التي هي باطن كل
كائن ، وكل شيء ، هي ذاتها هذا الكائن ، وهذا الشيء ، غير منفصل عنه .
فكيف يمكن للذات أن تتحدث عن الذات .
العارف ، كما يقول مثل هندي ، الذي يعرف لا يستطيع أن يتحدث عنه . لأن العارف في مكان ، والمتحدث في مكان آخر أو دونه
كثيرا . فهذا الإنطباع كان لي النعمة والحظ الوفير  أن ألتقي معلما كبيرا ، وحكيما أصيلا ، قد حققه في ذاتي منذ وساطته ، دخلنا كما يقولون إلى مجال السعادة ، التي لا يُحسد فيها الإنسان آخر عليها .
إلى هذا الإطمئنان ...حيث لا اطمئنان في المعنى الصحيح للكلمة ...
إلى هذا الوجود الحق ، حيث لا يوجد تبدل ، لأنه الظاهر والباطن ..
هو على حد تعبير رامانا مهاريشي ، الوجود المطلق المغمور بالسلام ، المغمور
 بالسعادة .
هذه هي حقيقة الوجود التي يكتشفها العلم الحديث اليوم ، وهي ما يسمونه الموحدون  ، الهيولى الأولى للمادة .
وقبل أن توجد حتى الحركة في  المادة ، المادة في سكونها الأخير أو الروح في سكونها الأخير . لأنه في النهاية ، يجب أن نسلك هذا المرتقى ، إلى هذا العمق ،على حد تعبير مار بولس أيضا ، يجب أن نسلك طريق السكون .  حيث يستقر الإنسان في الصمت ، يكون قد وصل إلى الحقيقة إذا كان هناك من وصول .
وإذا صدق لنا في يوم من الأيام أن خرجنا من محور هذه الحقيقة وعن دائرتها بحد تعبير الحلاج والموحدين ، وهو أن الله هو المحور  ، أي النقطة ، نقطة الدائرة ، وهو  نقاط الدائرة كلها ...
الدائرة مسكونة بالنقاط ..
فإلى أين الهرب ؟!...


ليست هناك تعليقات: